الثلاثاء، 19 يناير 2016

لماذا الإسلام هو الدين الحق ؟؟؟ وهل تم تحريف القرآن؟؟



أولا ما الذى يدل على صحة دين ما ، وهنا بالتحديد أتكلم عن الإسلام ؟؟!!

يستطيع الإنسان بكل سهولة أن يصل لصحة الإسلام كــ دين خاتم ، رسالة للعالمين أرسل الله بها هدى للناس الى يوم القيامة فما هى النقاط التى تؤكد صحة الإسلام:_

1- التوحيد (الوحدانية ) :

وهذه أهم نقطة لابد أن يفكر فيها الإنسان ، فوحدانية الإله فى الدين من أهم النقاط التى تدل على صحة هذا الدين ، والإسلام يعتبر الدين الوحيد الآن فيه توحيد للإله ..



الله عزوجل فى الإسلام واحد أحد ، لم يلد  ولم يولد ، تفرٌد بالوحدانية فلا إله غيره ، ولا يتكون من ثلاثة كما فى الثالوث فى المسيحية مثلا ، وليس له ابن ، وليس معه شريك كما فى الأديان الاخرى .


والوحدانية هى التى تناسب العقل ، فأكثر من إله يعنى بالضرورة هلاك وفساد الكون ، وهل يوجد توحيد الإله الا فى الإسلام ؟!

*****


2- الصفات المنسوبة للإله (صفات الإله ) :_


لا يمكن أن يتخذ الله عزوجل صفات البشر (تعالى الله ) ، كمثل الجهل والنوم والتعب وغيره كما فى الكتاب المقدس مثلا ، فهذه أشياء تليق بإنسان وهى فعلا لإنسان وليست لإله خالق هذا الوجود ، ولا يمكن أيضا أن يصارعه إله أخر ، أو أنصاف الإلهة كما فى الأديان الوثنية ...

الإله _ عقلا_ لابد أن يكون له صفات تليق به ، ففى الإسلام ؛ الله عزوجل قادر  قدير مقتدر على كل  شئ ،ولا يُعجزه شئ فلا يتعب مثلا ، عليم وليس جاهل ، لا يغفل عن العباد  ولا ينام ، وكثيرا من الصفات التى تليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه سبحانه ، ولكن تُتوج تلك الصفات بأهم صفة يطلبها العقل ويُحتم وجودها فى الاله وقد ذكرها العزيز فى قوله تعالى ((ليس كمثله شئ ))، وهى التى أغلقت كل الأبواب فى وجه من يريد أن ينسب له صفات لا تليق به ...

وهذه نقطة أيضا دالة صحة أن الإسلام الدين الحق وأن القرأن كلام الله وليس كلام بشر .

3- التقديس:

من الذى يستحق التقديس ..المرسِل أم المرسَل (الإله أم الرسول) ؟!

بديهى أن يكون المرسِل (الإله) ، لأن الرسول ما هو إلا عليه البلاغ للرسالة ، إرشاد الناس للصواب ، وهذا لا نجده إلا فى الإسلام، ((هل كنت إلا بشرا رسولا)) ، ((سبحان الذى أسرى بعبده )) ، ((وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل))، والكثير الدال على أن محمد ليس له من التقديس نصيب ، له الطاعة كرسول ، كمرشد ، كهادى بأمر الله ، كمصباح للحياة والإنسان ، لكن ليس له نصيب التقديس الإلهى ، فالتقديس انما هو لله وحده ، أما محمد هو بشر عبد لله رسول العالمين ، والتقديس لله وحده فهو القدوس .

 وبنظرة على الأديان الأخرى نجد أن مثلا المسيحية قد قدٌست من الرسول (سيدنا عيسى عليه السلام ) ، حتى اصبح عندهم إله ، ولتغطية هذا الأمر قالوا بالثالوث الغيرعقلانى تماما ، وكذلك باقى الأديان التى تجعل من التقديس للمرسَل ، لدرجة قد تصل لإعطائهم درجة أنصاف الإلهة ..

وهذه نقطة دالة أيضا على صحة الإسلام .
4- الله عزوجل أرسل الرسل والأنبياء لهداية الناس وإرشادهم ، ولكن بعد موت الرسل فإن الشيطان يكسب الكثير من أتباع الرسل ، فيبدأ بهم الغرور ليحرفوا ما بلغه هذا الرسول أو النبى ، وهذا التحريف قد نال الاديان السماوية كلها عدا الإسلام ، قد تعهد الله عزوجل بحفظه ....

هنا السؤال المعتاد من الملاحدة :
ما الدليل على أن الإسلام لم يُحرٌف؟!


والرد :
النقطة الاولى :- التحريف عامة يكون لإخفاء الحقائق ، وإنكارها ، وللتضليل ، وأول شئ يتم تحريفه فى الدين هو فكرة الإله ، لأن الإله هو العامل الأساسى فى الاديان وفى كل شئ ، فإذا تم النيل من هذه الفكرة يمكن بعدها بناء دين بتعاليم تتناسب مع الهوى ، خالية من الصحة والمنطق ومن العقل  ، ففى معظم الأديان تم التحريف لإدخال خرافات مثل ( ابن الإله ، زوجة الإله ، شركاء الإله ، انصاف الألهة .....وهكذا )) ، ثم يأتى التفصيل بأن الإله فلان قد صارع الالهة الاخرى وقد فاز ولكن جاء اخر وهزمه ...وهكذا من هذه الخرافات التى لا تُعقل، إلى أخر ما حدث وهو الثالوث فى المسيحية ، جعلوا الإله على نفس صيغة الألهة الوثنية ؛مركب غير بسيط ، ثلاثة وليس واحد ، يصارع ويجوع ويشرب ويموت ...وغيره .

أما مع الإسلام فنلاحظ أن الإسلام منذ أن بلغه رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم ) وهو يدعو للتوحيد ، وحدانية الله ، تقديس الله وحده ، صفات تليق به سبحانه ، تعاليم عادلة للجميع ليس فيها تفضيل أحد على أحد ، تعاليم تخاطب العقل والروح ، تعاليم تسمو بالإنسان ،وووووالخ ...


النقطة الثانية : عبودية المُرسَل 

لم يدٌعِ محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم )  يوما أنه إله ، أو أنه مفروض أن نعبده مع الإله ، أو ما يقوله (الاحاديث _رغم أنها بوحى أيضا _)) لكنه لم يدٌعِ أنها أصح من قول الله تعالى (القرأن الكريم ) ، كل هذه الأشياء تجعل من القرأن كلاما صحيحا أيضا ، فنجد أن القرأن لم يرفع محمد إلى درجة غير العبد لله ، والرسول المرسل للعالمين فقط لا غير ، بل ونجد فى القرأن أن الله تعالى يعاتبه ، ووو...
فهذا دال على أن القرأن غير محرف ، وهو كلام الله فقط لاغير ،، هذا عكس مثلا المسيحية التى بمجرد موت ((عيسى عليه السلام )) ، ودخول بولس المسيحية ((بطريقة خبيثة)) ، حتى تم رفع مكانة ((سيدنا عيسى )) من رسول إلى اله وابن الله وهذه الخرافات الوثنية القديمة ...

ولكن مع موت الرسول (صلى الله عليه وسلم )) او فى حياته ظل عبدا لله ، رسول يبلغ رسالة الله للعالمين فقط ..


شئ أخر هنا :_
كان أحب الناس إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) السيدة خديجة ، السيدة عائشة ، سيدنا أبوبكر ، سيدنا الفاروق عمر (رضى الله عنهم جميعا)) ، فلماذا لم يذكر أحدا فيهم فى القرأن ويقول مثلا أن الله أنزل فيهم قوله هذا ؟!!...
أما القرأن فى عهد رسول الله وبعد موته فقد كان محفوظا فى الصدور ، وكان يُكتب أيضا ، وقد جُمع فى عهد أبوبكر الصديق (رضى الله عنه)...


 النقطة الثالثة :التوافق مع المنطق و العقل ؛ 

وهو عامل مهم فى معرفة صحة دين من عدمه ، حيث أن الدين السماوى الذى لم ينله تحريف لابد وأن يكون متلائم ، متوافق مع العقل ، اما الذى أصابه التحريف فتجده يخالف العقل ، ويتصادم معه ومع المنطق ، ففى الإسلام نجد أن الدين الوحيد الذى يتوافق مع العقل ، الفطرة ، والمنطق ، والعلم ، وهذه من أهم السمات الواجب توافرها فى الدين السماوى .



****
النقطة الرابعة : انعدام التناقض والاختلاف فيه.

حينما يصيب دين ما التحريف فلا شك أنه سيظهر فيه التناقض فى نفسه ، والتناقض هذا لا نجده فى الإسلام ، فالقرأن جاء مفصلا يدعو لتدبره تدبر آياته إذ يقول ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) ثم قال الله تعالى بعدها ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/ 82 ،،أكثر من ستة ألاف أية ولا تجد فيها إختلافا واحدا وهذا من عظمة الإسلام ،فالقرآن الكريم خال من أي قصور أو خطأ أو تناقض ، بل جميع ما فيه هو الحكمة والإعجاز التشريعي والخير والعدالة. وعلى خلاف ذلك كتب الأديان الأخرى فالكتاب المقدس مثلا يحوي مئات الأخطاء والتناقضات وذلك باعتراف أتباعه.

 قال أبو بكر الجصاص – رحمه الله - : " فإن الاختلاف على ثلاثة أوجه : اختلاف تناقض : بأن يدعو أحد الشيئين إلى فساد الآخر ، واختلاف تفاوت : وهو أن يكون بعضه بليغاً وبعضه مرذولاً ساقطاً ، وهذان الضربان من الاختلاف منفيان عن القرآن ، وهو إحدى دلالات إعجازه ؛ لأن كلام سائر الفصحاء والبلغاء إذا طال - مثل السور الطوال من القرآن - لا يخلو من أن يختلف اختلاف التفاوت ، والثالث : اختلاف التلاؤم ، وهو أن يكون الجميع متلائماً في الحُسن كاختلاف وجوه القراءات ومقادير الآيات واختلاف الأحكام في الناسخ والمنسوخ ، فقد تضمنت الآية الحض على الاستدلال بالقرآن لما فيه من وجوه الدلالات على الحق الذي يلزم اعتقاده والعمل به " . انتهى من " أحكام القرآن " ( 3 / 182 ) .

كما قال ابن القيم – رحمه الله - : " ولهذا ندب الله عز وجل عباده إلى تدبر القرآن ؛ فإنَّ كلَّ مَن تدبره : أوجب له تدبرُه علماً ضروريّاً ويقيناً جازماً أنه حق وصدق بل أحق كل حق وأصدق كل صدق ، وأن الذي جاء به : أصدقُ خلق الله وأبرهم وأكملهم علماً وعملاً ومعرفة ، كما قال تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) ، وقال تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد/ 24 ، فلو رفعت الأقفال عن القلوب : لباشرتها حقائق القرآن واستنارت فيها مصابيح الإيمان وعلمت علما ضروريّاً يكون عندها كسائر الأمور الوجدانية من الفرح والألم والحب والخوف أنه من عند الله ، تكلَّم به حقّاً وبلَّغه رسولُه جبريل عنه إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم " . انتهى من " مدارج السالكين " ( 3 / 471 ، 472 ) .


 ولكن إدعاء البعض وجود التناقض ، والحقيقة لا وجود لها إلا فى حالة واحدة وهى ( الجهل ) ، هذه هى الحالة التى تهيئ لشخص ما ان يقول بتناقض فى الإسلام ...

بينما باقى الأديان تقوم على التناقض ، فتناقض نفسها بنفسها ، بمعنى ظاهر وليس حتى بتأويل ، بل المعنى نفسه والكلمات تتناقض مع بعضها البعض ، كما أنها تناقض العلم
<وهذا يقع كثيرا فى الأديان الأخرى التى نالها التحريف ، فالقول مثلا بأرض عمرها 6الاف سنة شئ مخالف للعلم ، وغيره الكثير . 

أما فى الإسلام فإن العلم كلما تقدم ، وكلما أثبت ، فإنه يثبت ويؤكد صدق القرأن وتوافقه مع العلم ، أو أقول الحقيقة أن العلم يصارع ليؤكد توافقه مع القرأن .


النقطة الخامسة : شريعة الإسلام واقعية لا تخالف الحياة البشرية وطبيعتها 


فالإسلام يقول بكل ما يوافق طبيعة البشر ، ولا يخرج عنها ، فلا يقول الإسلام مثلا أن الزواج حلال ثم يأمر بالتبتل والرهبنة كمثل المسيحية ، فما الداعى لعزوف إنسان عن الزواج وممارسة حياته الطبيعية ؟! ، وهذا فى المسيحية واليهودية يوجد ، وهذا مخالفا لطبيعة البشر ، بينما الإسلام يدعو لحياة طبيبعة جدا بالزواج والإنجاب ، وتحريم الزنا ،وووالخ..
فلم يأتى فى الإسلام أى تعاليم تخالف طبيعة البشر ، فقد حرم الله الشذوذ الجنسى  لأنه يخالف طبيعة الإنسان بالتزاوج بين الذكر والأنثى ، وليس بين أنثى وأنثى ، أو ذكر وذكر ..


النقطة السادسة : حفظ القرأن 

فقد واجه الإسلام والمسلمين حروبا كثيرة ، و غزوات ، ومحاولات الإستعمار الحديثة ومع كل هذا لم يستطع أحد النيل من القرأن الكريم بالتبديل أو التحريف ، فكل ما فعلوه هو محاولة تشويه القرأن الكريم بكتابات خالية من المنطقية والعقلانية ، وكلها فى النهاية ذهبت هباءً دون أى فائدة تُذكر لهم , فكم حاول المستشرقون ، وكم حاول الغزاة ، وكم حاول من قبلهم الكفار والمشركين ، وكل هؤلاء لم يفلحوا ، فلايوجد حرف تغير فى القرأن الكريم وهذا دال على أنه محفوظ ، لم ولن يصبه أى تحريف ...


النقطة السابعة :الإعجاز العلمى فى القرأن 

فى القرأن الكريم من الإعجازات العلمية التى أبهرت العالم كله ، فيقضى العلماء حياتهم فى كشف سر ما من أسرار الكون والفضاء ، والأسرار الإنسانية (فى جسم الإنسان) ، أو فى الأسرار النفسية ، أو غيره ، فما أن يتوصل لها العلماء إلا ويجد أنه ليس الأول فى التوصل لهذا السر أو الإكتشاف ، بل القرأن سبق كل هذا بقرون كثيرة ، وفى أبلغ الكلم على الإطلاق نجد الله عزوجل يصف فى إيجاز بليغ جدا ما فى الكون من بعض أسرار ، وفى النفس البشرية ، ومازال الكشف مستمر ، وكلما تم التوصل لكشف ما إلا ويؤكد أن القرأن كلام الله العزيز فقط ...


النقطة الثامنة : التحدى
كيف لو كان القرأن به أى نوع من التحريف يكون فيه تحدى لمدة 1430 عام ولا يعرف أحد أن يكسر هذا التحدى .!!؟!
تحدى الله عزوجل فى القرأن بأشياء كثيرة وكان فى أوائل الأيات قوله تعالى (( ذلك الكتاب لاريب فيه )) ، ثم تحدى الله فى خلق ذبابة ، أو بالإتيان بمثل هذا القرأن ، سواء الإنس أو الجن ، أو الجن والإنس مجتمعان ، ولكن هذا لم ولن يحدث ..فكيف ؟!!
لايمكن لأحد أن يتحدى بشئ طوال هذه القرون ، وهذا دليل أن القرأن قول الله تعالى فقط ...

النقطة التاسعة : الغيبيات 

فى القرأن الكريم الكثير من الغيبيات التى بلغها ولم تحدث إلا بعد سنين ، وهناك ما حدث بعد قرون ، وهناك ما سيحدث أيضا ، فكيف يمكن لأحد (لو كان القرأن دخله أى تحريف ) أن يتنبأ بهذه الأشياء والتى حدثت بالفعل ، وبعد فترة زمنية طويلة ..فكيف؟!! 

الا يدل هذا على أن القرأن محفوظ من الله ؟!!

أقرب مثل هو قول الله تعالى على أبى لهب على أنه لن يؤمن وسيلاقى الله كافرا وسيصلى نارا ذات لهب ، محال أن يكون هناك أى تحريف يكون به مثل هذا التحدى الجبار ، فلو كان أبولهب أعلن _حتى لو بالنفاق _ أنه أسلم فسيكون كل هذا فى محل شك ، ولكن .... قول الله حق ، ووعده حق ، ولايمكن لأحد أن يغيٌر أو يبدل وعد الله أبدا ...
فالله تعهد ووعد بحفظ القران الكريم وبالفعل ، وإلى يوم الدين سيظل القرأن الكريم محفوظا من الله ....

5- من الدلائل على أن الإسلام هو الدين الحق أيضا هو : تحدى القرأن بأن يأتى أحد بمثله ،

 وهذا التحدى منذ أن أنزل الله القرأن الكريم على سيد المرسلين (صلى الله عليه وسلم ) ولكن لم ولن يستطع أحد أن يأتى بمثله ، فكل ما يستطيعوا فعله (الحاقدين الواهمين أنفسهم) هو التقليد والسرقة ، نعم فهم يأتون بكلمات ركيكة لا معنى لها فقط ويظنوا أنهم أتوا بقرأن ..
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ. فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (البقرة: 23-24)
﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ (الإسراء:88)
6- انتشار الاسلام :
الدين الحق الذى قال الله عنه ((((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))) وهذا ما نجده ، فالإسلام أصبح ينتشر بسرعة كبيرة وخاصة فى الغرب الذى فيه أكبر حملات لتشويه الإسلام ، والمستشرقين ، والمنصرين ، ورغم كل هذا إلا أننا نرى أن من بين هؤلاء من يُسلم وجهه لله ويتحول من وضع المُشوه للإسلام إلى المدافع عنه بكل ما أُوتى من قوة وعلم ، وهذا كله لشيئين وهما : 1- لأن الإسلام هو الدين الحق ، 2- لتوافقه مع العقل ، وسعى العلم دائما للتقدم وكلما تقدم فإنه يصتدم دائما بأن ما اكتشفه موجود بالقرأن الكريم فى إيجاز وافى ...!!!


7- الإعجاز العلمى :_ 


لن أقول هنا أن القرأن يوافق العلم ، بل العلم يوافق القرأن ،وأقول أن العلم والعلماء يقضى بعضهم حياته لإثبات شئ ما ، أو لإكتشاف ما ، ولكن الصدمة أن الكثير بعدما يقضون معظم حياتهم فى السعى وراء هذا الاكتشاف ، وإنفاق ملايين من الدولة يجد فى الأخير أن ما اكتشفه موجود فى القرأن الكريم بكلمات بلاغية فائقة تكشف ما وجده هؤلاء العلماء ، وهذا يسمى الإعجاز العلمى ..

ولذلك أعتبر أن العلم يسعى للكشف عن إعجاز القرأن الكريم ، هذا على عكس ما نجده الأديان المُحرٌفة كاليهودية أو المسيحية ، فنجد أن الأرض مركز الكون فيها !!،، أو عمر الكون ونهايته يتوسطه ميلاد المسيح !!!، أو أن الأرض على قرون ثور ،،!!! وهكذا من باقى الأشياء التى لا توافق العلم ولا العقل والمنطق ...

أما فى القرأن فأعطى مثل :_

فى توسع الكون مثلا والذى توصل له العلماء بعد اكتشاف هابل ، ومعرفتهم بواستطه أن الكون فى توسع ، وهذا التوسع المعجز للكون كشف عنه القرأن منذ 1430 عام فى قول _أروع وأبلغ الكلم على الإطلاق _ فقال تعالى ((﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات:  47  ، فى هذا القول الجميل يظهر لما إعجازان وهما : 

1- بناء السماء على ثوابت وأعمدة وليس كأعمدة المادة التى نراها فهى عبارة عن قوى تمسك السماء والكون .. 

2- توسع الكون المعجز وبسرعة كبيرة جدا ، ولكن هذا التوسع يُحكمه الله بقوانين خلقها كى لا تسبب هلاك الكون ....

وهذا بعض وأقل ما نجده فى القرأن من إعجاز علمى ...

8- الحل الأمثل لكل مشاكل العالم :

لاتوجد مشكلة إلا ولها حل أمثل فى الإسلام ، فنأخذ مثلا على سبيل المثال ((العنصرية ، والفواحش ، التحرش والإغتصاب ، المسكرات (الخمور والمخدرات ) ووووو)) ولكن العجب حينما نجد أن الإسلام يقدم الحل الأمثل لهذه المشاكل ، وما أن تلتزم دولة بهذا الحل إلا وتنتهى المشكلة ، فنرى حل الإسلام للعنصرية مثلا :

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (الحجرات : 13 ، هذا القول الكريم يوضح أن العنصرية لا مكان لها فى الإسلام ، فالكل سواء أمام الله ، فلا فرق بين أبيض وأسود ((كما فى أمريكا والتاريخ يشهد مثلا )) ، ولا فرق بين عربى وأعجمى ، ووو...

قالَ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم : " ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى ... ) رواه الإمام أحمد وهو في السلسلة الصحيحة ، هذا الحديث أيضا / وهناك الكثير فى الإسلام ما يؤكد على أن العنصرية لا مكان لها ، ولا يصح التفرقة بين الناس ...

نجد مشكلة الخمور والمسكرات مثلا : هذه التى انتشرت بكثرة فى الآونة الأخيرة

فى بريطانيا مثلا يقدر أن 40 ٪ من جرائم العنف ؛ 78 ٪ من الاعتداءات ، و 88 ٪ من الحالات الجنائية ترتكب ويكون الجاني تحت تأثير الكحول.

والمصادر كثيرة موجودة على النت ولكن الإسلام قدم حلولا لكل هذه المشكلات ، فقد حرم الخمر وكل ما يُذهب العقل ، فقال العلى العظيم ((﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة:90 ....

﴿يا أيُّها الذينَ ءامنوا إنَّما الخمرُ والمَيسرُ والأنصابُ والأزلامُ رِجْسٌ مِنْ عملِ الشيطانِ فاجتَنِبوهُ لعلَّكُم تُفلِحون [90] إنَّما يُريدُ الشيطانُ أن يُوقِعَ بينكم العداوةَ والبغضاءَ في الخمرِ والمَيْسِرِ ويَصُدَّكُمْ عنْ ذكرِ اللهِ وعنِ الصلاةِ فهلْ أنتُم مُنتَهونَ[91]﴾ [سورة المائدة/90-91] 

الفواحش :
﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف:33]


نأتى مثلا لمشكلة التحرش والإغتصاب والزنا: 

وهذه أكثر المشكلات فى الغرب بالأخص
في الولايات المتّحدة الأمريكية حالياً، أكثر من 65 مليون شخص مصابون بأمراض جنسية لا يمكن علاجها! وهناك أيضا 15 مليون إصابة جديدة سنوياً.


وأكدت دراسة قامت بها وزارة الدفاع الأمريكية أن 78 % من النساء في القوّات المسلّحة تعرضن للتحرش الجنسي من قبل الموظّفين العسكريّين. (تأمل 78 % أي 8 نساء من كل عشر تقريبا) المصدر: الوزارة الأمريكية (Veterans Affairs) :

وهكذا فالمصادر كثيرة تقول بكثرة الزنا والاغتصاب والأطفال غير الشرعيين
ولكن الإسلام قدم لنا حلولا لو اتبعناها لإنتهت تلك المشكلات فقال تعالى ((﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانً ﴾ [الفرقان: 68، 69]
أيضا :
((﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32
].
﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30
والأيات كثيرة والأحاديث النبوية التى تقدم حلا لكل هذه المشكلات وغيرها ..


********************************* 

الأربعاء، 13 يناير 2016

حقيقة محاولة انتحار الرسول عند انقطاع الوحى لفترة



كالعادة من الملاحدة والنصارى يحرفون ويدلسون وهذا ليس بغريب عليهم ، فهم سواء الملاحدة أو النصارى عقولهم أقل بكثير أن تدرك الإسلام ،، ولذلك يحاولون بقدر إمكانهم التدليس عليه وعلى المسلمين 
حقيقة محاولة الرسول الإنتحار !!:
***
روى الإمام البخاري عن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : " هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ قال : ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على بن عبد يا ليل بن عبد كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب..) الحديث . فهنا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن أشد ما وقع عليه ، هو ذلك الأذى النفسي الحاصل من تكذيب أهل الطائف له ، حتى إنه بقي مهموماً حزيناً لم يستفق إلا وهو بعيد عن الطائف ، نعم ، إن حزن النبي صلى الله عليه وسلم على فتور الوحي ثابت في نصوص أخرى ، غير أن حزنه ما كان ليبلغ حد الرغبة في إلقاء نفسه من علو ، وإلا لكان هذا أجدر بالذكر من حادثة الطائف المذكورة هنا .

ومما يؤكد ذلك: أن رواية الزهري ذكرت أن سبب حزن النبي صلى الله عليه وسلم ومحاولته للانتحار ؛ إنما كان خوفاً من انقطاع الوحي والرسالة ، ولو كان هذا صحيحاً ، لكان ظهور جبريل عليه السلام مرة واحدة وقوله : ( إنك لرسول الله حقا ) كافياً في تأكيد أنه مبعوث إلى العباد وتحقّق الاصطفاء له ، فلا معنى لأن يدخل الحزن في قلبه وأن يحاول الانتحار مرات ومرات .

ثم ان الحزن لو جعل النبي صلى الله عليه وسلم يهم بأن يلقي بنفسه ، فان الهم لا مؤاخذة فيه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها الله ) متفق عليه .
وليس فيها ما يعيب النبي صلى الله عليه وسلم أو يقدح في عصمته فالعصمة متحققة في هذه الحالة ، لأن الله سبحانه وتعالى صرف عنه هذا السوء

إننا نعلم أنه صلوات الله وسلامه عليه كانت حياته كلها سلسلة من المشاق والأحزان ومهاجمته وموت أحبابه من الأهل والولد وووو...فلم تصل به الحال لليأس

ومع انه نبي , الا انه بشر , اي انه لا يعلم الغيب الا بما يخبره عنه الله سبحانه ... فهذا من الاستعجال باالامر المحبوب , ثم إنه حين فتر (تأخر) الوحى كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب إلى المكان الذى كان ينزل عليه الوحى فيه يستشرف لقاء جبريل ، لتعلقه به ... خاصة وانه كان مهيأ ومتهيئا تماما لاداء هذه المهمة التي اوكلها الله سبحانه له واهتمام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بدعوة الناس إلى الله ، وحرصه الشديد على إخراج الكافرين من الظلمات إلى النور.
 ***
قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : ... وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ؛ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ " .

ثانياً:
هذه الزيادة ليست من كلام عائشة رضي الله عنها ، بل هي من كلام الزهري ، وهو من التابعين لم يدرك تلك الحادثة ، ولم يذكر هو أن أحدا من الصحابة حدثه بها ، ولذا نصَّ على ذلك في الرواية نفسها بقوله : " فيما بلَغنا " .

قال ابن حجر – رحمه الله - :
ثم إن القائل " فيما بَلَغَنا " هو الزهري ، ومعنى الكلام : أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة . وهو من بلاغات الزهري وليس موصولاً ، وقال الكرماني : هذا هو الظاهر .

" فتح الباري " ( 12 / 359 ) .
وقال أبو شامة المقدسي – رحمه الله - :
هذا من كلام الزهري أو غيره ، غير عائشة ، والله أعلم ؛ لقوله : " فيما بلغنا " ، ولم تقل عائشة في شيء من هذا الحديث ذلك .
" شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى " ( ص 177 ) .

ثالثاً:
وبلاغات الزهري وغيره لا تُقبل ؛ لأنها مقطوعة الإسناد من أوله ، فهي كالمعلَّقات تعريفاً وحكماً ، ومجرد وجود مثل هذه البلاغات أو المعلقات في كتاب الإمام البخاري لا يعني أنها صحيحة عنده ، أو أنها مما يصح أن يقال فيها : رواه البخاري ؛ لأن الذي يقال فيه ذلك هو ما رواه فيه مسندا .


قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا العزو للبخاري خطأ فاحش ، ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري ؛ وليس كذلك ، وبيانه أن البخاري أخرجها في آخر حديث عائشة في بدء الوحي ... [ وذكر الرواية السابقة ] .

هكذا أخرجه بهذه الزيادة أحمد ( 6 / 232 - 233 ) وأبو نعيم في ( الدلائل ) ( ص 68 - 69 ) والبيهقي في ( الدلائل ) ( 1 / 393 - 395 ) من طريق عبد الرزاق عن معمر به . ومن هذه الطريق أخرجه مسلم ( 1 / 98 ) لكنه لم يسق لفظه ، وإنما أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب ، وليس فيه الزيادة . وكذلك أخرجه مسلم و أحمد ( 6 / 223 ) من طريق عقيل بن خالد : قال ابن شهاب ، به ، دون الزيادة . وكذلك أخرجه البخاري في أول الصحيح عن عقيل به .

قلت [ القائل هو الشيخ الألباني ] : ونستنتج مما سبق أن لهذه الزيادة علتين :
الأولى : تفرد معمر بها ، دون يونس وعقيل ؛ فهي شاذة .

الأخرى : أنها مرسلة معضلة ؛ فإن القائل : ( فيما بلغنا ) إنما هو الزهري ، كما هو ظاهر من السياق ، وبذلك جزم الحافظ في "الفتح" ...

قلت : وهذا مما غفل عنه الدكتور [ يعني : الدكتور البوطي ، مؤلف الكتاب الذي ينتقده الشيخ ] ، أو جهله ، فظن أن كل حرف في "صحيح البخاري" هو على شرطه في الصحة ، ولعله لا يفرق بين الحديث المسند فيه والمعلق ، كما لم يفرق بين الحديث الموصول فيه والحديث المرسل الذي جاء فيه عرضا ، كحديث عائشة هذا الذي جاءت في آخره هذه الزيادة المرسلة .

واعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بها كما بينته في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) برقم ( 4858 ) ، وأشرت إلى ذلك في التعليق على "مختصري لصحيح البخاري".

انتهى ـ مختصرا ـ من "دفاع عن الحديث النبوي" (40-41) .


رابعاً:
قد جاءت أسانيد أخرى فيها ذِكر حكاية محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار أثناء انقطاع الوحي بعدما جاءه أول مرة ، وكلها أسانيد مردودة ، ما بين ضعيف وموضوع .

ومنها :
1. إسناد ابن مردويه :
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
ووقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله " فيما بلغنا " ، ولفظه : " ... فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزناً غدا منه " إلى آخره ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري عن عروة ، عن عائشة والأول هو المعتمد .
" فتح الباري " ( 12 / 359 ، 360 ) .

ومعنى قول الحافظ " والأول هو المعتمد " أي : أن رواية الزهري فيها لفظ " فيما بلغنا " وليست هي موصولة .

قال الشيخ الألباني – رحمه الله – معلِّقاً على ترجيح الحافظ - :
ويؤيده أمران :
الأول : أن محمد بن كثير هذا ضعيف ؛ لسوء حفظه - وهو الصنعاني المصيصي - .
قال الحافظ :" صدوق كثير الغلط " ، وليس هو محمد بن كثير العبدي البصري ؛ فإنه ثقة .
والآخر : أنه مخالف لرواية عبد الرزاق حدثنا معمر ... التي ميزت آخر الحديث عن أوله ، فجعلته من بلاغات الزهري ... .
فدل هذا كله على وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله لهذه الزيادة ، وثبت ضعفها .
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 453 ) .

2. إسناد ابن سعد :
قال محمد بن سعد :
أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياماً لا يرى جبريل فحزن حزناً شديداً حتى كان يغدو إلى " ثبير " مرة وإلى " حراء " مرة يريد أن يلقي نفسه منه فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك عامداً لبعض تلك الجبال إلى أن سمع صوتاً من السماء فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم صعقا للصوت ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعاً عليه يقول : " يا محمد أنت رسول الله حقّاً وأنا جبريل " قال : فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقرَّ الله عينه وربط جأشه ثم تتابع الوحي بعد وحمي .
" الطبقات الكبرى " ( 1 / 196 ) .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
وهذا إسناد موضوع ؛ آفته : إما محمد بن عمر - وهو الواقدي - ؛ فإنه متهم بالوضع ، وقال الحافظ في " التقريب " : " متروك مع سعة علمه " ، وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة.
وإما إبراهيم بن محمد بن أبي موسى - وهو ابن أبي يحيى - واسمه : سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني - ، وهو متروك أيضاً مثل الواقدي أو أشد ؛ قال فيه الحافظ أيضاً : " متروك " ، وحكى في " التهذيب " أقوال الأئمة الطاعنين فيه ، وهي تكاد تكون مجمعة على تكذيبه ، ومنها قول الحربي :" رغب المحدثون عن حديثه ، روى عنه الواقدي ما يشبه الوضع ، ولكن الواقدي تالف " .
وقوله في الإسناد : " ابن أبي موسى " أظنه محرَّفاً من " ابن أبي يحيى " ، ويحتمل أنه من تدليس الواقدي نفسه ؛ فقد دلس بغير ذلك ، قال عبد الغني بن سعيد المصري : " هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج ، وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية ، وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج " .
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 451 ) .

3. إسناد الطبري :
قال ابن جرير الطبري :
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي : حدِّثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام فقال عبيد - وأنا حاضر يحدث عبد الله بن الزبير ومن عنده من الناس - : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كل سنة شهراً ... جاءه جبريل بأمر الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ فقلت ماذا أقرأ فغتني حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ماذا أقرأ وما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود إلي بمثل ما صنع بي قال ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) إلى قوله ( علَّم الإنسان ما لم يعلم ) قال : فقرأته ، قال : ثم انتهى ثم انصرف عني وهببت من نومي وكأنما كتب في قلبي كتاباً ، قال : ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إليَّ من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق أن أنظر إليهما قال : قلت : إن الأبعد - يعني نفسه ! - لَشاعر أو مجنون لا تحدث بها عني قريش أبداً لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحنَّ نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن ، قال : فخرجت أريد ذلك حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال : فرفعت رأسي إلى السماء فإذا جبرئيل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبرئيل ... ) .

" تاريخ الطبري " ( 1 / 532 ، 533 ) .


ومتن هذه الرواية منكر مخالف للروايات الصحيحة ؛ ففي هذا المتن أن لقاء النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل كان في المنام لا يقظة ! ثم إن فيه قوله صلى الله عليه وسلم ( ماذا أقرأ ) ! وكلاهما باطل ، فاللقاء بين الرسولين كان يقظة ، والذي قاله صلى الله عليه وسلم ( ما أنا بقارئ ) نفياً عن نفسه أن يكون قارئاً والرواية المنكرة تثبت أن ليس أمِّيّاً ! .


وأما إسناد الرواية : فقال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
ولكن هذا الإسناد مما لا يفرح به ، لا سيما مع مخالفته لما تقدم من روايات الثقات ؛ وفيه علل:
    الأولى : الإرسال ؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابيّاً ، وإنما هو من كبار التابعين ، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
    الثانية : سلمة - وهو ابن الفضل الأبرش - ، قال الحافظ :" صدوق كثير الخطأ " .

قلت : ومع ذلك فقد خالفه زياد بن عبد الله البكائي ؛ وهو راوي كتاب " السيرة " عن ابن إسحاق ، ومن طريقه رواه ابن هشام ، وقال فيه الحافظ :" صدوق ثبت في المغازي " .
وقد أخرج ابن هشام هذا الحديث في " السيرة " ( 1 / 252 ، 253 ) عنه عن ابن إسحاق به دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين [ ] ، وفيها قصة الهمّ المنكرة .
فمن المحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي ، فتكون منكرة من جهة أخرى ؛ وهي مخالفته للبكائي ؛ فإنه دونه في ابن إسحاق ؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم فيهما .
ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها من الكتاب ؛ لنكارة معناها ، ومنافاتها لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقد أشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئاً من ذلك ، فقال ( 1 / 4 ) : " ... وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ذكر ... وأشياء بعضها يشنع الحديث به " .
وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية ؛ وهي :
    الثالثة : ابن حميد - واسمه محمد الرازي - ؛ وهو ضعيف جدّاً ، كذَّبه جماعة من الأئمة ، منهم أبو زرعة الرازي .

وجملة القول : أن الحديث ضعيف إسناداً ، منكر متناً ، لا يطمئن القلب المؤمن لتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهم بقتل نفسه بالتردي من الجبل ، وهو القائل - فيما صح عنه - : ( من تردى من جبل فقتل نفسه ؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ) متفق عليه - " الترغيب " ( 3 / 205 ) - لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه .

" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 10 / 455 – 457 ) .


خامساً:

قد ثبت بما تقدم ضعف الأسانيد التي رويت في محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الانتحار ، بل وبطلان بعضها ، ولا يخفى أن متنها أيضاً باطل منكر ، وذلك من وجوه :
1. أن فترة انقطاع الوحي كانت لإزالة الخوف الذي جاء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أول ما جاءه الوحي ، وأنها للاستعداد لما بعده ، فكيف يلتقي هذا مع همِّه صلى الله عليه وسلم بالانتحار ؟! .
قال ابن طولون الصالحي – رحمه الله - :
الحكمة في فترة الوحي - والله أعلم - : ليذهب عنه ما كان يجده صلى الله عليه وسلم من الروع وليحصل له التشوق إلى العود .
" سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " ( 2 / 272 ) .
2. أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك للحظة في كونه نبيّاً ، فقد ثبَّت الله تعالى قلبه بالوحي ، وما وجده من الرهبة من نزول الوحي أول مرة فيدل على بشريته ، وعلى شدة الوحي ، وقد كان يعاني صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عند نزول الوحي في بعض صوره .


والخلاصة :

لم تصح رواية همِّ النبي صلى الله عليه وسلم وسلم بالانتحار لتأخر الوحي عليه أول أمر الرسالة ، والزيادة التي في البخاري ليست على شرطه فلا تنسب للصحيح ، وقد أثبتها البخاري رحمه الله أنها من قول الزهري لا غيره ، فهي بلاغ مقطوع الإسناد لا يصح ، وقد ذكرنا للحديث روايات أخرى كلها يؤكد عدم صحة القصة لا سنداً ولا متناً .

*************************************************************************************************
الشبهة :

قالوا : البخاري يتهم النبي صلى الله عليه وسلم بمحاولة الانتحار ، وتصدقونه عندما ينتقص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم ويطعن في عصمته أليس هذا دليل على سقوط عدالة البخاري ؟ ودليل على عدم صحة كل ما في البخاري كما تزعمون !


الجواب :
مقصدهم من هذا الشبه الطعن في صحة كتاب البخاري .. ومن ثم الطعن في عقيدة أهل السنة ..
ولكنهم لم ينجحوا ولن ينجحوا لأنهم وقعوا في ثلاث مخالفات منهجية :
- ألزموا أهل السنة بلوازم لم يلتزم بها أهل السنة .
- نقلوا نقلاً غير الدقيق ، وبتروا النصوص .
- أوردوا دليلاً غير صحيح .

وإليك بيان هذا بالتفصيل :

أولا ً : ألزموا أهل السنة بلوازم لم يلتزم بها أهل السنة .. فزعموا أننا نقول :

- أن كل ما في صحيح البخاري صحيح .

- وأن كتاب البخاري فوق الدراسة والنقد .

- وأنه كتاب مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه !! وغير ذلك من الإلزامات غير الصحيحة ..

والصحيح أننا نقول : كتاب البخاري أصح كتاب . وفرق بين أصح وبين كل ما فيه صحيح . وإليك مثال لذلك :

قال البخاري في كتاب الأذان - باب مُكْثِ الإِمَامِ فِي مُصَلاَّهُ بَعْدَ السَّلاَمِ : 

ويُذكر عن أبي هريرة ورفعه: لا يتطوع الإمام في مكانه . ولم يصح .

قال ابن حجر : قوله : ( ولم يصح ) هو كلام البخاري، وذلك لضعف إسناده .
ستفاجأ بصراخهم نص ضعيف وهو في البخاري .. نعم ضعيف .. فالبخاري التزم بصحة ما يسنده للرسول صلى الله عليه وسلم

وقد يأتي بنصوص ويبين ضعفها لفائدة .. لكن المبتدعة قد يتغافلون عن منهج البخاري الدقيق بهدف الطعن في الكتاب كله . ثم الطعن في أهل السنة .. 

فنحن لسنا ممن يقول بالعصمة لأحد بعد رسول الله r فلا نقول بعصمة البخاري ولا غيره ، فعلماؤنا شرحوا كتاب البخاري وعلقوا عليه .. ومنهم من انتقد بعض المواطن في كتاب البخاري ..
________________________________________

ورد ابن حجر هذه الانتقادات فقال : وقد حررتها وحققتها وقسمتها وفصلتها، لا يظهر منها ما يؤثر في أصل موضوع الكتاب بحمد الله إلا النادر". هدي الساري (ص348)

ومع هذا فجميع علماؤنا حتى الذين انتقدوا بعض ما جاء في البخاري .. أجمعوا على أن البخاري أجاد في تصنيف هذا الكتاب حتى أصبح ( أصح ) كتب الحديث . فأين القداسة التي تزعمون .



ثانياً : النقل غير دقيق وبتر النصوص .

قالوا ( جاء في صحيح البخاري ج 8 ص 68 : ( وفتر الوحي حتى حزن النبي r فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدى له جبريل فقال يا محمد إنك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال مثل ذلك . )
السؤال الأول .. أين سند هذا النص ، ونحن نعلم أن البخاري يذكر الأسانيد قبل الروايات .


السؤال الثاني .. هل هذا نص عن الرسول صلى الله عليه وسلم .. هل هذا حديث .

(( الجواب ))
البخاري ذكر رواية بالسند إلى عائشة r .. وبعد نهاية الرواية نقل نصاً للزهري .. والشيعة يبترون ويقتطعون كلام الزهري ويدعون أن البخاري ينسب هذا للنبي ، وأنه يتهم النبي صلى الله عليه وسلم بمحاولة الانتحار .


والصحيح :

أن البخاري نقل نصين مختلفين الأول حديث صحيحاً متصل السند عن عائشة ، والثاني نصاً ضعيفاً لا سند له للزهري .. (وهذا الذى سنده ضعيف يستشهد به المدلسون من النصارى والملاحدة به !!!!) 

وهما نصين مختلفين لكنهم ينقلون الثاني ويخفون الأول ليوهموا الناس أنهما حديثاً واحداً وأن البخاري يصححهما .
وإذا رجعت لفتح الباري تجد أن ابن حجر رحمه الله قد أورد نص حديث عائشة لوحده فقال :
________________________________________
7068 ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، . وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْىِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكَانَ يَأْتِي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ ـ وَهْوَ التَّعَبُّدُ ـ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهْوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فِيهِ فَقَالَ اقْرَأْ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي . فَقَالَ اقْرَأْ . فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ . فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ . فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ . فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ " . حَتَّى بَلَغَ { مَا لَمْ يَعْلَمْ } فَرَجَعَ بِهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ " زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي " . فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ " يَا خَدِيجَةُ مَا لِي " . وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ وَقَالَ " قَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي " .
________________________________________
فَقَالَتْ لَهُ كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ . ثُمَّ انْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَىٍّ ـ وَهْوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخُو أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ فَيَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنَ الإِنْجِيلِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ ـ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ أَىِ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ . فَقَالَ وَرَقَةُ ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا رَأَى فَقَالَ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا أَكُونُ حَيًّا، حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ " . فَقَالَ وَرَقَةُ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا . ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ .


ثم اورد نص بلاغ الزهري لوحده فقال :
________________________________________
وَفَتَرَ الْوَحْىُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَىْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَىْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ، تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا . فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْىِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ .

حتى يبين لك أنهما نصين مختلفين . راجع ( فتح الباري / كتاب التعبير / باب أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة / حديث ( 6982) )

بل إن البخاري نفسه كرر رواية عائشة في أكثر من موضع من كتابه ولم يورد معها نص الزهري .. مما يدل على أنها ليست من رواية عائشة . راجع مثلاً ( صحيح البخاري / كتاب بدء الوحي / باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله الرواية الثالثة )

ثالثاً : ضعف ( قول الزهري ) الذي احتجوا به :

قال الحافظ ابن حجر ما نصه : " ثم إن القائل ( فيما بلغنا ) هو الزهري ، ومعنى الكلام : أن في جملة ما وَصَلَ إلينا من خبر رسول الله r في هذه القصة ، وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا ) أ.هـ ( فتح الباري 16/290 )

مرسل الإمام الزهري ضعيف عند أهل الحديث قال يحيى القطان : ( مرسل الزهري شر من مرسل غيره ؛ لأنه حافظ ، وكلما يقدر أن يسمي سمى ؛ وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه ! ) انظر ( شرح علل الترمذي ) لابن رجب 1 / 284"

قال الشيخ الألباني رداً على البوطي لما عزى نص الزهري للبخاري :
هذا العزو للبخاري خطأ فاحش، ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري، و ليس كذلك .
________________________________________


وقال أيضا : أنها مرسلة معضلة، فإن القائل: ((فيما بلغنا)) إنما هو الزهري كما هو ظاهر من السياق، و بذلك جزم الحافظ في ((الفتح)) (12/302) و قال: (( و هو من بلاغات الزهري و ليس موصولاً ))

قلت – أي الألباني - : و هذا مما غفل عنه الدكتور أو جهله، فظن أن كل حرف في ((صحيح البخاري)) هو على شرطه في الصحة! و لعله لا يفرق بين الحديث المسند فيه و المعلق! كما لم يفرق بين الحديث الموصول فيه و الحديث المرسل الذي جاء فيه عرضاً كحديث عائشة هذا الذي جاءت في آخره هذه الزيادة المرسلة. و اعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بها، كما بينته في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) برقم (4858) و أشرت إلى ذلك في التعليق على مختصري لصحيح البخاري (1/5) .


وقال الألباني :
وخلاصة القول أن هذا الحديث ضعيف لا يصح لا عن ابن عباس ولا عن عائشة ، ولذلك نبهت في تعليقي على كتابي مختصر صحيح البخاري (1/5) على أن بلاغ الزهري هذا ليس على شرط البخاري كي لا يغترّ أحد من القراء بصحته لكونه في الصحيح ، والله الموفق"ا.هـ. ( السلسلة الضعيفة المجلد الثالث حديث رقم(1052) صـ 160-163 )

والخلاصة :
رواية إقدامه صلى الله عليه وسلم على الانتحار من رؤوس الجبال ضعيفة سنداً ، باطلة متناً ؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم أرفع قدراً ، وأجل مكانة ، وأكثر ثباتاً من أن يقدم على الانتحار بسبب فترة الوحي وانقطاعه عنه .
وقد رد علماؤنا على الشبهة بردود كثيرة .. 
----------------------
روايات أخرى :!

مدار الشبهة حول ما رواه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه :
قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : … وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ؛ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ” . [1]

أولاً الرواية ليست من قول أمّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها :
الرواية من بلاغات الزُّهري رحمه الله و هو من التابعين، و هو لم يشهد الحادثة و لم يسندها فقد اقتصر على : (فِيمَا بَلَغَنَا).

قال ابن حجر – رحمه الله – :
(ثم إن القائل ” فيما بَلَغَنا ” هو الزهري ، ومعنى الكلام : أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة . وهو من بلاغات الزهري وليس موصولاً ، وقال الكرماني : هذا هو الظاهر) [2]

وقال أبو شامة المقدسي – رحمه الله – :
(هذا من كلام الزهري أو غيره ، غير عائشة ، والله أعلم ؛ لقوله : ” فيما بلغنا ” ، ولم تقل عائشة في شيء من هذا الحديث ذلك.) [3]

ثانياً حال بلاغات الزهري رحمه الله :
بلاغات الزهري رحمه الله و غيره لا تقبل منه، لأنها مقطوعة الإسناد من أوله، فهي كالمعلقات، و مجرد وجودها في صحيح الإمام البخاري رحمه الله لا يعني البتة أنها صحيحة.

ثالثاً الرّواية لا تصح إِسناداً و لا متناً :
لقد سبقنا إلى الرد على هذه الشبهة الواهية، الإمام الجليل، محدث العصر محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله –، و قد ضعفها بجميع طرقها.
قال العلامة الألباني – رحمه الله – في ردّه على البوطي – رحمه الله – :
” قلت : هذا العزو للبخاري خطأ فاحش ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري وليس كذلك وبيانه أن البخاري أخرجها في آخر حديث عائشة في بدء الوحي الذي ساقه الدكتور ( 1 / 51 – 53 ) وهو عند البخاري في أول ( التعبير ) ( 12 / 297 – 304 فتح ) من طريق معمر : قال الزهري : فأخبرني عروة عن عائشة . . . فساق الحديث إلى قوله : ( وفتر الوحي ) وزاد الزهري : ( حتى حزن النبي صلى الله عليه و سلم – فيما بلغنا – حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقى منه نفسه تبدى له جبريل فقال : يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك )
وهكذا أخرجه بهذه الزيادة أحمد ( 6 / 232 – 233 ) وأبو نعيم في ( الدلائل ) ( ص 68 – 69 ) والبيهقي في ( الدلائل ) ( 1 / 393 – 395 ) من طريق عبد الرزاق عن معمر به ومن هذه الطريق أخرجه مسلم ( 1 / 98 ) لكنه لم يسق لفظه وإنما أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب وليس فيه الزيادة وكذلك أخرجه مسلم و أحمد ( 6 / 223 ) من طريق عقيل بن خالد : قال ابن شهاب به دون الزيادة وكذلك أخرجه البخاري في أول الصحيح عن عقيل به قلت : ونستنتج مما سبق أن لهذه الزيادة علتين :

الأولى : تفرد معمر بها دون يونس وعقيل فهي شاذة

الأخرى : أنها مرسلة معضلة فإن القائل : ( فيما بلغنا ) إنما هو الزهري كما هو ظاهر من السياق وبذلك جزم الحافظ في ( الفتح ) ( 12 / 302 ) وقال : ( وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا )

قلت : وهذا مما غفل عنه الدكتور أو جهله فظن أن كل حرف في ( صحيح البخاري ) هو على شرطه في الصحة ولعله لا يفرق بين الحديث المسند فيه والمعلق كما لم يفرق بين الحديث الموصول فيه والحديث المرسل الذي جاء فيه عرضا كحديث عائشة هذا الذي جاءت في آخره هذه الزيادة المرسلة
واعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بها كما بينته في “سلسلة الأحاديث الضعيفة” [4] برقم (4858) وأشرت إلى ذلك في التعليق على “مختصري لصحيح البخاري” (1/5) يسر الله تمام طبعه .

وإذا عرفت عدم ثبوت هذه الزيادة فلنا الحق أن نقول إنها زيادة منكرة من حيث المعنى لأنه لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم المعصوم أن يحاول قتل نفسه بالتردي من الجبل مهما كان الدافع له على ذلك وهو القائل : (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً) أخرجه الشيخان وغيرهما وقد خرجته في “تخريج الحلال والحرام” برقم (447).). [5]

رابعاً أسانيد أخرى للقصة :
1. إسناد ابن مردويه :
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
ووقع عند ابن مردويه في ” التفسير ” من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله ” فيما بلغنا ” ، ولفظه : ” … فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزناً غدا منه ” إلى آخره ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري عن عروة ، عن عائشة والأول هو المعتمد . [6]
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – معلِّقاً على ترجيح الحافظ – :
ويؤيده أمران :
الأول : أن محمد بن كثير هذا ضعيف ؛ لسوء حفظه – وهو الصنعاني المصيصي – .
قال الحافظ :” صدوق كثير الغلط ” ، وليس هو محمد بن كثير العبدي البصري ؛ فإنه ثقة .
والآخر : أنه مخالف لرواية عبد الرزاق حدثنا معمر … التي ميزت آخر الحديث عن أوله ، فجعلته من بلاغات الزهري … .
فدل هذا كله على وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله لهذه الزيادة ، وثبت ضعفها . [7]

2. إسناد ابن سعد :
(أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس)
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – :
وهذا إسناد موضوع ؛ آفته : إما محمد بن عمر – وهو الواقدي – ؛ فإنه متهم بالوضع ، وقال الحافظ في ” التقريب ” : ” متروك مع سعة علمه ” ، وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة.
وإما إبراهيم بن محمد بن أبي موسى – وهو ابن أبي يحيى – واسمه : سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني – ، وهو متروك أيضاً مثل الواقدي أو أشد ؛ قال فيه الحافظ أيضاً : ” متروك ” ، وحكى في ” التهذيب ” أقوال الأئمة الطاعنين فيه ، وهي تكاد تكون مجمعة على تكذيبه ، ومنها قول الحربي :” رغب المحدثون عن حديثه ، روى عنه الواقدي ما يشبه الوضع ، ولكن الواقدي تالف ” .
وقوله في الإسناد : ” ابن أبي موسى ” أظنه محرَّفاً من ” ابن أبي يحيى ” ، ويحتمل أنه من تدليس الواقدي نفسه ؛ فقد دلس بغير ذلك ، قال عبد الغني بن سعيد المصري : ” هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج ، وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية ، وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج ” . [8]

3. إسناد الطبري :
حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي : حدِّثنا يا عبيد..)
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – :
ولكن هذا الإسناد مما لا يفرح به ، لا سيما مع مخالفته لما تقدم من روايات الثقات ؛ وفيه علل:
الأولى : الإرسال ؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابيّاً ، وإنما هو من كبار التابعين ، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
الثانية : سلمة – وهو ابن الفضل الأبرش – ، قال الحافظ :” صدوق كثير الخطأ ” .
قلت : ومع ذلك فقد خالفه زياد بن عبد الله البكائي ؛ وهو راوي كتاب ” السيرة ” عن ابن إسحاق ، ومن طريقه رواه ابن هشام ، وقال فيه الحافظ :” صدوق ثبت في المغازي ” .
وقد أخرج ابن هشام هذا الحديث في ” السيرة ” ( 1 / 252 ، 253 ) عنه عن ابن إسحاق به دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين [ ] ، وفيها قصة الهمّ المنكرة .
فمن المحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي ، فتكون منكرة من جهة أخرى ؛ وهي مخالفته للبكائي ؛ فإنه دونه في ابن إسحاق ؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم فيهما .
ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها من الكتاب ؛ لنكارة معناها ، ومنافاتها لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقد أشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئاً من ذلك ، فقال ( 1 / 4 ) : ” … وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ذكر … وأشياء بعضها يشنع الحديث به ” .
وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية ؛ وهي :
الثالثة : ابن حميد – واسمه محمد الرازي – ؛ وهو ضعيف جدّاً ، كذَّبه جماعة من الأئمة ، منهم أبو زرعة الرازي .
وجملة القول : أن الحديث ضعيف إسناداً ، منكر متناً ، لا يطمئن القلب المؤمن لتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهم بقتل نفسه بالتردي من الجبل ، وهو القائل – فيما صح عنه – : ( من تردى من جبل فقتل نفسه ؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً ) متفق عليه – ” الترغيب ” ( 3 / 205 ) – لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه. [9]

كتبه أَبُو إِسْلاَم الْمَغْرِبِي

_____________________________________________________________________________________

مصدر البحث :

[1] ” صحيح البخاري ” برقم ( 6581 )
[2] ” فتح الباري ” ( 12 / 359 ) .
[3] ” شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى ” ( ص 177 ) .
[4] “الضعيفة” (10/450-458) ، وفيها قال (ص457-458) : (ولقد كان الباعث على كتابة هذا التخريج والتحقيق : أنني كنت علَّقْتُ في كتابي “مختصر صحيح البخاري” -يسَّرَ الله تمام طبعه- (1/5) إلى هذه الزيادة بكلمة وجيزة ؛ خلاصتها أنها ليست على شرط “الصحيح” ؛ لأنها من بلاغات الزهري . ثم حكيت ذلك في صدَدِ بيان مزايا المختصر المذكور ؛ في بعض المجالس العلمية في المدينة النبوية في طريقي إلى الحج أو العمرة سنة (1394) ، وفي عمرتي في منتصف محرم هذه السنة (1395) ، وفي مجلس من تلك المجالس ذكَّرني أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأذكياء المجتهدين -ممن أرجو له مستقبلاً زاهراً في هذا العلم الشريف ؛ إذا تابع دراسته الخاصة ولم تَشْغَلْهُ عنها الصوارف الدنيوية- أن الحافظ ابن حجر ذكر في “الفتح” : أن ابن مردويه روى زيادة بلاغ الزهري موصولاً ، وذكر له شاهداً من حديث ابن عباس من رواية ابن سعد؟ فوعدته النظر في ذلك ؛ وها أنا قد فعلت ، وأرجو أن أكون قد وفقت للصواب بإذن الله تعالى).
[5] “دفاع عن الحديث النبوي” (40-41).
[6] ” فتح الباري ” ( 12 / 359 ، 360 ).
[7] ” فتح الباري ” ( 12 / 359 ، 360 ).
[8] ” سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ” ( 10 / 451 ).
[9] ” سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ” ( 10 / 455 – 457 ).