الخميس، 25 فبراير 2016

هل ينفي النفق الكمومي مبدأ السببية ؟


هل ينفي النفق الكمومي مبدأ السببية ؟
.
عرض أحد المواقع التي تدعو إلى الإلحاد شبهة مفادها أن النفق الكمومي ينفى مبدأ السببية
وكان نصها كالتالي :

لنفرض أن لدينا كرة بينغ بونغ (كرة تنس طاولة) نرميها لتضرب بسطح طاولة خشبية. نحن نعرف من حياتنا أن هذه الكرة لن تعبر إلى الطرف الآخر من الطاولة إلّا إذا كسرت الطاولة واخترقتها إلى الطرف الآخر، وستبقى فوق الطاولة ترتد إلى الأعلى. هذا المشهد مختلف إذا كانت كرة تنس الطاولة التي نتكلم عنها هي جسيم أولي أو ذري كالإلكترون، فالإلكترون يملك ما يسمى تابع كثافة احتمالية يسمح له بالعبور عبر أي حاجز صلب أو حاجز طاقة أو أي نوع آخر. فمع أن الإلكترون موضوع فوق الحاجز، فهناك احتمال صغير أن يصبح الإلكترون في الطرف الآخر من الحاجز دون أي سبب على الإطلاق، والسبب الوحيد هو العشوائية التي تعيش فيها الجسيمات الأولية والتي هي نتيجة للطبيعة الموجية للجسيمات الذرية، أي أن الإلكترون يعبر الحاجز وكأن الحاجز غير موجود.

وليس فقط ذلك، فتخيل أنك وضعت تفاحة في علبة زجاجية مغلقة، فهذه التفاحة سبتقى في العلبة ولن تخرج منها إلا إذا أخرجها شخص ما وهذا ما نعرفه نحن بمبدأ السببية، فلكل فعل مسبب، لكن في حالة الجسيمات الأولية هذا غير صحيح، فهناك دوماً احتمال أن يخرج هذا الجسيم من العلبة دون أي سبب على الإطلاق.

هذا الكلام تم إثباته تجريبياً، فقد تم حبس إلكترون فيما يسمى “نقطة كوانتيةأو Quantum Dot، وفيها تمت دراسة خروج الإلكترون من “العلبة” المحبوس بها، وذلك يحدث دون أي سبب!نعم عزيزي القارئ، مبدأ السببية غير مطلق وغير صحيح دوماً، فهناك أشياء في عالمنا تحدث دون أي سبب.,نشوء هذا الكون أيضاً قد يكون قد حدث بدون سبب، فنشوء الكون تتم دراسته في ميكانيك الكم، والذي يدعم ظاهرة النفق والكثير من الظواهر التي تحدث دون سبب. ولذلك نشوء الكون من العدم فكرة مقبولة علمياً.
التالي المقالة العلمية الموثقة التي تناقش حبس الإلكترون في نقطة كوانتية ودراستها.
الرد

أولا ما هو النفق الكمومي ؟

هو ظاهرة تحدث على مستوى الكوانتم – الجسيمات دون الذرية – حيث لا يمتلك الجسيم طاقة كافية لعبور حاجز الجهد مما يجعله يخترق هذا الحاجز فيصير حرا. وذلك بسبب الطبيعة الموجية. فعلى مستوى الكوانتم يمكن للجسيمات أن تتصرف كأمواج بدل تصرفها كجسيمات. وهو ما يعني عدم وجود الجسيم – الإلكترون - في مكان وزمان محددين ولن يمتلك قدر محدد من الطاقة ولكن يعتمد تواجده وفق موجة من الاحتمالات التي تخضع للدوال الموجية. فوجود الالكترون خارج الذرة هو احتمال وارد دوماً، وبالتالي يمكن أن يتواجد الإلكترون على الجهة المعاكسة من الحاجز وكأنه شكل نفقاً استطاع العبور من خلاله كما أن الجسيم الذي لا يملك طاقة ملائمة لإجتياز حاجز يستطيع عملياً استعارة قدر من الطاقة من وسطه المحيط فيجتاز الحاجز – قوة جذب النواة للإلكترون -.
Taylor, J. (2004). Modern Physics for Scientists and Engineers. Prentice Hall. p. 234.
Razavy, Mohsen (2003). Quantum Theory of Tunneling. World Scientific. pp. 4, 462.

ثانيا رد الشبهة يكون في عدة نقاط :
1-
على مستوى الكمومي فإن الجسيم ذو طبيعتين – الازدواجية – فهو يتعامل كموجة وجسيم ومن الخطأ أن نتعامل معه على أنه موجة فقط أو جسيم فقط ولكن لابد من الأخذ في الاعتبار الطبيعة الازدواجية له ، فمثلا الإلكترونات، تمتلك موجة كنوع من الخواص التي تتميز بها، و هذا يعني أنه باستطاعتها أحياناً التسلل عبر حواجز منيعة ، وهي ما يعرف بظاهرة النفق الكمومي.
2- عالم الكوانتم هو عالم احتمالي لا نستطيع فيه أن نتأكد من حدوث شيء معين بنسبة مائة بالمئة لكن نحن نتنبأ باحتمالات فالأمر ليس عشوائيا بل مدروس ومحسوب من خلال المعادلات وهو يخضع لمبدأ عدم الدقة لهايزنبرج وهذا ليس في ظاهرة النفق الكمومي فحسب لكنه موجود في جميع الظواهر التي تقع خلال عالم الكوانتم. وهذا ما أكده العالم روجر بنروز الرياضياتي الشهير واصفا العالم الكمومي قائلا : " مما يقوله الناس عن ميكانيكا الكم أنها غامضة وغير محددة ولا يمكن التنبؤ بها ، لكن ذلك ليس صحيحا ، ومادام الأمر متعلقا بالمستوى الكمي ، نقول إن ميكانيكا الكم محددة ودقيقة .... وتتضمن ميكانيكا الكمفي صورتها الأكثر شيوعا – استخدام معادلة تسمى معادلة شرودنجر التي تحكم سلوك الحالة الفيزيائية لمنظومة كمية – تسمى حالتها الكمية – وهذه معادلة محددة " .

*
روجر بنروز: فيزياء العقل البشري والعالم من منظورين، ص 27.


3- لو تأملنا الصورة التي أمامنا سنجد بها ثلاث مناطق ، حيث تسقط الجسيمات من المنطقة الأولى 1 على السطح الحاجز (المنطقة الثانية 2 ) بعضها ينعكس على سطح الحاجز والبعض الآخر يتخلل الحاجز لمسافة ثم يرتد والبعض الآخر يستمر حتى ينفذ من خلال السطح الحاجز إلى المنطقة الثالثة 3 بشرط أن تكون المنطقة الثانية لها سمك رقيق يستطيع التغلب عليه . يتم تمثيل الجسيمات في كل منطقة من الثلاث بمعادلة موجية تحكم احتمالية وجودها ومسارها .


4- يشير الرمز E إلى طاقة الجسيم بينما يشير الرمز V إلى جهد الحاجز- قوة جذب النواة الموجبة للألكترون السالب تشبه حاجز يمنعه من الابتعاد-، فنجد في المنطقة الأولى أن طاقة الجسيم أكبر من جهد الحاجز وذلك لأنه ليس في مجاله بعد، بينما في المنطقة الثانية 2 نجد أن جهد الحاجز أكبر من طاقة الجسيم وهو ما يتسبب في ما يُعرف بظاهرة النفق الكمومي حيث يقوم الجسيم باختراق الحاجز(المنطقة2) ليصل إلى المنطقة الثالثة 3 فيصبح حرا .


5- نحن لا نعترض على Quantum dot التي أشار إليها صاحب الشبهة وهي تجربة تثبت بالفعل ظاهرة النفق الكمومي، لكنها تبين لنا أن النفق الكمومي ليس حدثا شاذا يحدث ليخرق النظام كما يعتقد البعض لكنها طبيعة وظاهرة متكررة تحدث باستمرار للجسيمات دون الذرية ، بل هي ظاهرة ضرورية لحدوث الأشياء فإشعاع جسيم ألفا من نواة ذرة عنصر البولونيوم 210 والتي تحوي 84 بروتون فتتحول بذلك إلى نواة ذرة الرصاص 206 التي تحوي 82 بروتون يعتمد على النفقي الكمومي..!



6- أيضا من الأشياء التي تعتمد بشكل رئيسي على ظاهرة النفق الكمومي هي عملية إنتاج طاقة النجوم، فحتى تتمكن ذرتي هيدروجين من الاندماج لإنتاج طاقة يجب أن تكون حرارة النجم تقترب من المليار كلفن وذلك للتغلب على قوة التنافر الكهربائية بين نواتي الهيدروجين ، لكننا لو نظرنا إلى نجم كالشمس حيث تبلغ درجة حرارة مركزها 13.6 مليون كلفن وهو ما يعني أن عملية الاندماج لن تتم نظرياً ! ولكن بسبب وجود ظاهرة النفق الكمومي تتوافر فرصة ضئيلة لحدوثه دون أن تتوفر درجة الحرارة المطلوبة، وبما أن الشمس تمتلك كمية هائلة من ذرات الهيدروجين فان تلك الفرصة الضئيلة سوف تُخضع حوالي 4 مليون طن من الهيدروجين في كل ثانية لعملية اندماج نووي . وهو ما يعني أن ظاهرة النفق الكمومي هي شيء أساسي في استمرار طاقة الشمس إلى الآن رغم ضآلة درجة حرارتها مقارنة بما هو مطلوب .
7- كل ما سبق هو تفسير محدود طبقا لإمكانياتنا المحدودة، وبتقدم العلم وتطور إمكانياتنا خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين فقد تم نشر ورقة بحثية ** خلال شهر مايو 2015 في مجلة ناتشر العالمية تشير إلى أنه قد توصل فريقٌ دولي من علماء الفيزياء ، الذين يدرسون الفيزياء فائقة السرعة – عند مستوى attosecond (أي 10أس-18 ثانية) - ، لحل لغز النفق الكمومي (quantum tunneling) ووجدوا أنه عبارة عن عملية لحظية.
**

يقول العالم أناتولي كايفيتس Anatoli Kheifets أحد أعضاء الفريق الدولي : ( فبهذا المدى -المعيار- الزمنى .. كان يعتقد ان الزمن الذى يستغرقه الالكترون لعبور النفق الكمومي لذرة ما أمرا "معتبرا" ولكن الرياضيات تقول ان زمن الخروج لا يمكن تخيله .. فهو رقم معقد "بإدراكنا" .. مما يعنى انها لابد ان تكون عملية لحظية "فورية" ... وأوضح كايفيتس أنه لم يتم استكشاف الجداول الزمنية لمثل هذه العملية في السابق. و يضيف : "لقد قُمنا بمحاكاة أكثر عمليات الطبيعة دقة، بدقة عالية جداً ". هل رأيت ؟ إنها عملية طبيعية بل هي أحد أدق العمليات الطبيعية


كما أشار الدكتور إيفانوف Ivanov الذي يعمل حالياً في مركز علم الليزر النسبي في كوريا : إلى ظهور معضلة هامة فى الظاهر .. لأن سرعة الالكترون خلال حدوث ظاهرة النفق الكمومي قد تفوق سرعة الضوء .. ومع ذلك فهذا لا يتعارض مع نظرية النسبية الخاصة .. لأن سرعة عبور النفق هى ايضا تخيلية *** .

8- نحن الآن لدينا نتيجتين :

أ- النفق الكمومي محكوم بشروط حدودية، هذه الشروط نتعامل بها مع هذه الظاهرة ويمكننا من خلالها تحديد عدد الجسيمات التي تمر من المنطقة الأولى إلى الثالثة ولا ترتد ثانية. كما يمكننا تحديد عدد الجسيمات المحتمل مرورها للمنطقة الثانية ثم ترتد مرة أخرى فلا تعبر. وأخيرا نستطيع تحديد عدد الجسيمات المحتمل عدم قدرتها على المرور مطلقا ويتم وصف كل حالة بدالة موجية تحكم سلوك واحتمالية مسار الجسيمات بدقة عالية .
ب- النفق الكمومي ظاهرة تخضع لقوانين الكوانتم مثلها كمثل ظاهرة سقوط الأجسام الجاذبية – في عالم الكلاسيكية والتي تخضع لقوانين الفيزياء الكلاسيكية. وهو ما يعني أن ظاهرة النفق الكمومي علاقة يحكمها القانون، وهو ما يعني خضوعها للسببية – القانونية – بعكس ما يظن البعض أنها تتم بشكل عشوائي .

9- مثلا لو جهلنا هذا السبب فعلا فإنه يتوقف على أمرين، إما قصورا في الفهم أو في أدواتنا المتاحة، لكن هناك قاعدة تقول " عدم العلم بالشيء ليس علما بالعدم"، فهل نقول أنه يلزم عن عدم العلم بالأسباب نفي وجودها؟! وبالتالي نفي وجود قانون السببية لجهلنا بالسبب؟! أو أن هذا دليلا على حدوث الأشياء بلا مسبب؟!

10- والآن دعنا ننظر للأمر بطريقة عكسية: إذن كيف لم يمكنه الإستغناء عن السببية أثناء استدلاله والإنتقال من المقدمات إلى النتائج؟! هذا الشخص استخدم في استدلاله قانون السببية دون أن يدري..! في كل الأحوال نحن مجبرون على الإستعانة بقانون السببية لإثبات أو نفي أي شيء بغض النظر عن سلامة استدلالنا، فهو قانون عقلي بديهي، لا علاقة له بكيفية وجود الموجودات وسقوطه = سقوط العلم جملة واحدة، إذ أن العلم قائم على الملاحظة والمشاهدة والاستنتاج والاستقراء التي تنبني كلها على مبدأ رئيسي وهو مبدأ السببية!

11- أخيرا: وجب علينا وعلى هذا الشخص قبلنا شكر الخالق عز وجل على هذه النعمة بدلا من كفره بسببها! إذ لولا ظاهرة النفق الكمومي كيف سيتم تحلل العناصر؟ وكيف ستحافظ الشمس على استمرار طاقتها إلى الآن رغم ضئالة درجة حرارتها مقارنة بما هو مطلوب، والتي تعد أحد أهم أسباب الحياة على الأرض؟ لكننا وللأسف نجد الملحد يقلب الحق باطل، ويجعل النعمة نقمة ولم لا وهو يحاول أن يهدم بديهة عقلية وضرورة منطقية – السببية - بها نحكم على الأشياء .




***************
بقلم الأستاذ /مصطفى نصر قديح

هل إله الإسلام يجهل ولا يعلم ؟


هل إله الإسلام يجهل ولا يعلم ؟
قالوا : إن إله الإسلام يجهل ولا يعلم إلا بعد حدوث الأشياء.... قرر أن عشرين يغلبوا مائتين ، وأن مائة يغلبوا ألفا.
ثم تقول الآية بعدها: ( الآن علم الله أن فيكم ضعفًا ) غير رأيه لأنه لم يكن يعلم من قبل (والآن علم ). فقال: إن مائة يغلبوا مائتين وأن ألفًا يغلبون ألفين....
وتعلقوا على ذلك بقوله : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) (الأنفال).


الرد على الشبهة


أولًا: إن من أسماء الله السميع والعليم ؛ الذي يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية في السماء والأرض.. وهذه بعض الأدلة على ذلك كما يلي :
1- قوله : قالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) (البقرة).
2- قوله : وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) (البقرة).
3- قوله : فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) (البقرة).
4- قوله : قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) (المائدة).
5- قوله : وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) (الإنعام).
6- قوله : وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) (الأنفال).
وعليه: فلا يصح أن يقال ذلك عن رب العالمين أنه يجهل ولا يعلم ... كيف ذلك ومن أسمائه السميع والعليم ... بل الذي يجهل ولا يعلم هو الرب بحسب الكتاب المقدس الذي يعبده المعترضون كما سيتقدم معنا – إن شاء الله-...


ثانيًا : إن علم الله على نوعين :
العلم الأول: علم الله القديم (الأزلي): وهو الذي عنده قبل خلق الخلق لم يطلع عليه أحد ...
ثبت ذلك في الآتي :
1- صحيح مسلم برقم 4797 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r َقُولُ : " كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ".
2- صحيح البخاري برقم 2953 قال r: "وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ".
3- قوله : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)(الحديد).
العلم الثاني : علم الظهور: وهو العلم الذي يظهره الله لعباده وهو علمه بحدوث أفعالنا التي كان يعلم أنها ستكون ثم أظهرها لنا...
ويسميه العلماء"علم المشاهدة"، أي مشاهدة و رؤية ما علمه الله أزلاً، ثم تحقق فرآه ..

أبيّن ما سبق بمثالين، فبالمثال يتضح المقال :
1- الآيات التي معنا؛ الله بعلمه القديم علم أن فيهم ضعفًا فلا يقدر عشرون أن يغلبون مائتين ، ولا يقدر مائة يغلبون ألفا... فاظهر علمه القديم قائلًا لهم : الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال 65-66).
أظهر علمه لهم بأن مائة يغلبون مائتين وألفا يغلبون ألفين.... فثبت الحكم الثاني تخفيفًا لهم ورحمة بهم، وثبت الأول أيضًا لمن لديهم قوة وقدرة... وكل ذلك في علمه القديم (الأزلي).

إذًا: كان الله يعلم بعلمه القديم ( الأزلي) أن فيهم ضعفًا ولكنه أراد أن يظهر علمه لهم عن طريق علم الظهور (المشاهدة لهم ) ليُظهر رحمته بهم فكم خفف عنهم ...


2- قوله : لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ (الجن 28).
جاء في تفسير القرطبي : المعنى: ليعلم الله ذلك علم مشاهدة كما علمه غيبا .اهـ
ثالثًا : ذكرتُ أن الكتاب المقدس هو الذي ذكر أن الإله الذي يعبده المعترضون هو من يجهل ولا يعلم ...فهذا بولس وصف وشبه ربه بأنه جاهل و ضعيف، وذلك في رِسَالَته الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ وافصف ومشبها إصحاح 1عدد 25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ، وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ! لا تعليق !


وجاء في الكتاب المقدس ما يبيّن للقارئ أن محل الاعتراض عندهم هم وليس عندنانحن المسلمين- فربهم لا يعلم الحادث إلا بعد وقوعه .... وذلك في الآتي :
1-
سفر التكوين إصحاح3 عدد 8وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». 11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».
الملاحظ: أن النص يؤكد لنا تمام التأكيدِ أن الربَّ لم يكن يعرف مكان آدم ...

ويبقى السؤل: هل الربّ ليس كلي المعرفة، يجهل مكانَ آدم ويجهل الواقعة برمتها... ؟!
1- سفر التكوين إصحاح 22 عدد11: " لا تمد يدك إلى الغلام، ولا تفعل به شيئاً، لأني الآن علمت أنك خائف الله، فلم تمسك ابنك وحيدك عني"
ويبقى السؤل: هل كان الله لا يعلم أن إبراهيم كان خائفًا الله إلا بعدما أخذ الغلام ليذبحه وبعد ذلك علم الله أنه يخافه ؟!
3-سفر التثنية إصحاح 8 عدد 2" وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر؛ لكي يُذلَّك ويجربك، ليعرف ما في قلبك؛ أتحفظ وصاياه أم لا ؟ ".
ويبقى السؤال قائما: هل كان الله لا يعلم بما في قلبه ثم علم بعد ذلك...؟! لا تعليق!
كتبه / أكرم حسن مرسي