الخميس، 25 فبراير 2016

هل إله الإسلام يجهل ولا يعلم ؟


هل إله الإسلام يجهل ولا يعلم ؟
قالوا : إن إله الإسلام يجهل ولا يعلم إلا بعد حدوث الأشياء.... قرر أن عشرين يغلبوا مائتين ، وأن مائة يغلبوا ألفا.
ثم تقول الآية بعدها: ( الآن علم الله أن فيكم ضعفًا ) غير رأيه لأنه لم يكن يعلم من قبل (والآن علم ). فقال: إن مائة يغلبوا مائتين وأن ألفًا يغلبون ألفين....
وتعلقوا على ذلك بقوله : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66) (الأنفال).


الرد على الشبهة


أولًا: إن من أسماء الله السميع والعليم ؛ الذي يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية في السماء والأرض.. وهذه بعض الأدلة على ذلك كما يلي :
1- قوله : قالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) (البقرة).
2- قوله : وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) (البقرة).
3- قوله : فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) (البقرة).
4- قوله : قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) (المائدة).
5- قوله : وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) (الإنعام).
6- قوله : وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) (الأنفال).
وعليه: فلا يصح أن يقال ذلك عن رب العالمين أنه يجهل ولا يعلم ... كيف ذلك ومن أسمائه السميع والعليم ... بل الذي يجهل ولا يعلم هو الرب بحسب الكتاب المقدس الذي يعبده المعترضون كما سيتقدم معنا – إن شاء الله-...


ثانيًا : إن علم الله على نوعين :
العلم الأول: علم الله القديم (الأزلي): وهو الذي عنده قبل خلق الخلق لم يطلع عليه أحد ...
ثبت ذلك في الآتي :
1- صحيح مسلم برقم 4797 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r َقُولُ : " كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ".
2- صحيح البخاري برقم 2953 قال r: "وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ ".
3- قوله : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)(الحديد).
العلم الثاني : علم الظهور: وهو العلم الذي يظهره الله لعباده وهو علمه بحدوث أفعالنا التي كان يعلم أنها ستكون ثم أظهرها لنا...
ويسميه العلماء"علم المشاهدة"، أي مشاهدة و رؤية ما علمه الله أزلاً، ثم تحقق فرآه ..

أبيّن ما سبق بمثالين، فبالمثال يتضح المقال :
1- الآيات التي معنا؛ الله بعلمه القديم علم أن فيهم ضعفًا فلا يقدر عشرون أن يغلبون مائتين ، ولا يقدر مائة يغلبون ألفا... فاظهر علمه القديم قائلًا لهم : الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال 65-66).
أظهر علمه لهم بأن مائة يغلبون مائتين وألفا يغلبون ألفين.... فثبت الحكم الثاني تخفيفًا لهم ورحمة بهم، وثبت الأول أيضًا لمن لديهم قوة وقدرة... وكل ذلك في علمه القديم (الأزلي).

إذًا: كان الله يعلم بعلمه القديم ( الأزلي) أن فيهم ضعفًا ولكنه أراد أن يظهر علمه لهم عن طريق علم الظهور (المشاهدة لهم ) ليُظهر رحمته بهم فكم خفف عنهم ...


2- قوله : لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ (الجن 28).
جاء في تفسير القرطبي : المعنى: ليعلم الله ذلك علم مشاهدة كما علمه غيبا .اهـ
ثالثًا : ذكرتُ أن الكتاب المقدس هو الذي ذكر أن الإله الذي يعبده المعترضون هو من يجهل ولا يعلم ...فهذا بولس وصف وشبه ربه بأنه جاهل و ضعيف، وذلك في رِسَالَته الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ وافصف ومشبها إصحاح 1عدد 25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ، وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ! لا تعليق !


وجاء في الكتاب المقدس ما يبيّن للقارئ أن محل الاعتراض عندهم هم وليس عندنانحن المسلمين- فربهم لا يعلم الحادث إلا بعد وقوعه .... وذلك في الآتي :
1-
سفر التكوين إصحاح3 عدد 8وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». 11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».
الملاحظ: أن النص يؤكد لنا تمام التأكيدِ أن الربَّ لم يكن يعرف مكان آدم ...

ويبقى السؤل: هل الربّ ليس كلي المعرفة، يجهل مكانَ آدم ويجهل الواقعة برمتها... ؟!
1- سفر التكوين إصحاح 22 عدد11: " لا تمد يدك إلى الغلام، ولا تفعل به شيئاً، لأني الآن علمت أنك خائف الله، فلم تمسك ابنك وحيدك عني"
ويبقى السؤل: هل كان الله لا يعلم أن إبراهيم كان خائفًا الله إلا بعدما أخذ الغلام ليذبحه وبعد ذلك علم الله أنه يخافه ؟!
3-سفر التثنية إصحاح 8 عدد 2" وتتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب إلهك هذه الأربعين سنة في القفر؛ لكي يُذلَّك ويجربك، ليعرف ما في قلبك؛ أتحفظ وصاياه أم لا ؟ ".
ويبقى السؤال قائما: هل كان الله لا يعلم بما في قلبه ثم علم بعد ذلك...؟! لا تعليق!
كتبه / أكرم حسن مرسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق