الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

هل الدين هو سبب التخلف ؟!





هناك دول تعيش بدستور علمانى بعيدا عن أى دين، ولكن مع هذا فهم فى عداد الدول المتخلفة ، بل تعد من أكبر الدول المتخلفة مثل بتسوانا ،نامبيا ،موريشويس ،جامبيا ،السنغال ((ليبريا )) هى بالدولار عملة ودستور أمريكى فهى دولة متخلفة...
أبدأ بالسؤال المهم وهو :

                        هل الدين منعك من العلم ؟!

- من أهم أسباب التخلف فى المجتمع الاسلامى هو _فقدان المسلمين الثقة فى أنفسهم_ وهذا فى حد ذاته أشد آفة ومرض وداء وقع بالأمة الأسلامية ، فعندما يخوض العربى المسلم فى مجال ما وليس عنده ثقة فالهزيمة النفسية هى أكبر مرض يفتك بالانسان (بصفة عامة) 

- فى وقت كان فيه العرب المسلمون فى قمة التقدم الحضارى لم يمنع الدين من أن يحققوا تقدما أبهر العالم ، وكان سابقا على الغرب ، بل الغرب وقتها كان يرسل بعثات للتعليم من العلماء العرب فى شتى المجالات فهذا يؤكد أن الدين لم يقف فى وجه التقدم ....


قبل أن تعرف أوروبا للحضارة معنى بمئات السنين كانت الجزيرة العربية تنعم وهي في أحضان واحدة من أقدم الحضارات الإنسانية الموثقة وهي (حضارة سبأ) العربية ، وتحديدا (مملكة بلقيس) سنة 990 ق.م. وتطورت مع الإسلام ..

فالباحث عن الحضارة الإسلامية سيعلم بالتأكيد مدى الإزدهار الذى كانت تنعم به الحضارة الإسلامية من وضع نظريات علمية واختراع ، وفى شتى المجالات ومنها أيضا حركة الترجمة للعربية والتى كان لها دورها فى زيادة الوفرة الثقافية والاطلاع على ثقافات الأمم الأخرى حتى بلغت ذروتها في العصر العباسي وخاصة في عهد الخليفة هارون الرشيد 

فنجد بيت الحكمة التي أسسها الخليفة المأمون فكان أول مدرسة صحيحة للترجمة في العالم العربي سن 832 م وقد  ورثت مدارس علمية كبرى مثل مدرسة الإسكندرية ومدرسة نصيبين في تركيا ومدرسة إنطاكية شمال سوريا ( تركيا ) ومدرسة الرها شمال العراق ومدرسة جنديسابور في إيران ومدرسة قنسرين في شمال سوريا ومدرسة حران شمال سوريا 

ولم يوجد ما يمنع المسلمين من التقدم العلمى والفكرى والحضارى فعلماء الحضارة الإسلامية اتجهوا نحو العلوم الدقيقة كالحساب والجبر والفلك ومن ثم الطب ومختلف العلوم ومعه علماء مثل ابن سينا وابن الهيثم وابن النفيس والرازى وغيرهم الكثير 



وهذا أيضا 



السؤال هنا لماذا لم يمنع الدين هؤلاء من التقدم والحضارة؟!!!


تغير الحال :_
قد تغير الحال وانعكس تماما فقد كان الغرب يرسل بعثات للتعلم من العلماء العرب فى شتى العلوم  وكان في مقدمة هؤلاء الراهب الفرنسي (جربرت دي اورياك) الذي وفد إلى الأندلس في عصر الخليفة الحكم المستنصر (350-366 هـ / 961 – 976مـ) ، ودرس على أيدي العلماء المسلمين الرياضيات والفلك والكيمياء، وحينما عاد إلى وطنه بعد أن بلغ من العلم مبلغا خيّل لعامة فرنسا إذ ذاك انه ساحر.

 فقد كان من أوائل المهتمين بالثقافة العربية، والمضمون التجريبي للعلم، وقد تربع بعد ذلك على عرش البابوية في روما تحت اسم سيلفستر الثاني (390 – 394 هـ / 999 – 1003 مـ) وكان له الدور البارز في نشر علوم العرب في أوروبا وهو أول من ادخل التعليم الدنيوي ودافع عنه على أسس تقدمية.


ولم يقتصر الأمر على مجرد إرسال البعثات التعليمية إلى الجامعات الإسلامية بل حرص ملوك أوروبا على استقدام المدرسين والعلماء لتأسيس المدارس والمعاهد العلمية في بلدانهم.

 ففي خلال القرن التاسع الميلادي وما بعده وّقعت حكومات هولندا وسكسونيا وإنكلترا على عقود مع قرابة تسعين من الأساتذة العرب في الأندلس بمختلف العلوم، وقد اختير هؤلاء من بين أشهر العلماء الذين كانوا يحسنون اللغتين الإسبانية واللاتينية إلى جانب اللغة العربية..... 


ليتم العكس تماما فى عصرنا الحالى فنجد أن الطلاب يريدون السفر الى الخارج للتعلم والاطلاع على مختلف العلوم ...وللأسف حتى إذا كان هناك عالم عربى فنجده يسافر  ويعرض علمه أو اختراعه فى الخارج هذا لعدم توفر مقومات لإكمال اختراعه مثلا ....
وهذا ما يفعله الغرب عادة وهو احتضان العلماء من مختلف الجنسيات وتوفير مقومات النجاح لهم ومن ثم يشتروا علمه فبدلا من استفادة بلده به يكن الخارج أولى ....!!!!!

وما حدث هو :_ 


أسباب التخلف :

1- أكبر سبب لهذا التخلف الذى ساد فى العرب بصفة عامة ، هو البعد عن الإسلام والتطبيق الصحيح له ، والذى يحقق العدالة ، والأمان ، والحث على العلم والتقدم ، فالدين أبدا لم يقف عائقا أمام العلم والتقدم ، بل العكس لنرى قوله تعالى :
قال تعالى: { يَرْفَعِ  اللَّهُ الَّذِينَ  آمَنُوا مِنْكُمْ  وَ  الَّذِينَ  أُوتُوا الْعِلْمَ  دَرَجَات} [ المجادلة : 11

قال تعالى :  {شَهِدَ  اللَّهُ  أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا  هُوَ  وَالْمَلائِكَةُ  وَ  أُولُو الْعِلْمِ  قَائِماً بِالْقِسْطِ } [آل عمران : 18]

قال تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر : 28]

قال عز وجل: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ... ﴾ [العنكبوت:49]

والأيات كثيرة ولنرى الأحاديث النبوية أيضا :

عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ عنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ قال
وَ مَنْ سَلَكَ طَرِيْـقـَاً يَلْتَمِسُ فيْهِ عِلْمَاً سَهَّلَ اللهُ لهُ طَرِيْقاً بِهِ إلى الجَنَّةِ
ـ رواه مسلم ـ


عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ قالَ قالَ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ
إذَا مَاتَ ابنُ آدَمَ انقَطَعَ عمَلُهُ إلاَّ منْ ثَلاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أووَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ
ـ رواه مسلم ـ


عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ عنهُ قالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ يَقُول
مَنْ خَرَجَ في طَلَبِ العِلْمِ فهو في سَبِيْلِ اللهِ يَرْجِعَ
ـ رواه الترمذي ـ


عَن أبي أُمَامَةَ رضيَ اللهُ عنهَ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليْه وسلمَ قالَ
فَضْلُ العَالِمِ على العَابِدِ كَفَضْلِي على أدْنَاكًمْ
ثم قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليْه وسَلَّمَ
إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ وَأَهْلُ السَّمَواتِ والأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في حُجْرِهَا وَ حَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ على مُعَلِمِي النَّاسِ الخَيْرَ
ـ رواه الترمذي ـ


عَن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ يَقُولُ
مَن سَلَكَ طَرِيْقَاَ يَبْتَغِي فِيْهِ عِلْمَاً سَهَّلَ اللهُ لهُ طَرِيْقَاً إلى الجَنَّة وإنَّ المَلائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضَاً بِما يَصْنَعُ وَ إنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغفِرُ لهُ مَن في السَّمواتِ ومَن في الأرضِ حَتَّى الحِيْتَانُ في المَاءِ وفَضْلُ العَالِمِ عَلى العَابِدِ كَفَضلِ القَمَرِ على سَائِرِ الكَوَاكِبِ وإنَّ العُلَماءِ وَرَثَةُ الأنبِيْاءِ وإنَّ الأنبِيْاءَ لمْ يُوَرَثُوا دِيْناراً ولا دِرْهَمَاً وَ إنَّما وَرَّثُوا العِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أخَذَ بِحَظٍ وَافِرٍ
ـ رواه أبو داود والترمذي ـ


المتأمل ليجد أن لا القرأن ولا السنة تمنع الإنسان من طلب العلم ، والتقدم والإزدهار ...

قال تعالى : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ  يَعْلَمُونَ  وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ  إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب}  [ الزمر : 9]

هل الدين منعك ان تطلب العلم وتبحث وتخترع ؟!

هل الدين منعك ان تُنشئ أبنية حضارية وصحية واجتماعية وثقافية ؟!

وعليه فلا يوجد مانع دينى أن تسعى للعلم والتقدم  فلا يصح القول ان الدين هو سبب التخلف اذن...!!

2- الهزيمة النفسية التى سادت فى الأجيال الكثيرة أصبح لها تأثيرا سلبيا كــ عائق كبير ، فأصبح الغرب هو رمز الحضارة ، ومع تأخر العرب عامة وتخلفهم فقد فقدت الأجيال الناشئة الأمل فى رؤية بلادهم متقدمة ، ولذلك فأصبحت فكرة التقدم والإزدهار مرتبطة فقط بالغرب ، ولهذا فقد أصبحت الهزيمة النفسية متمكنة فى العرب .
ونقطة هامة سببا للهزيمة النفسية أيضا وهى الافساد باسم الإصلاح والتطور بمعنى :
 أن الدين حاليا (فى الأمة الإسلامية ) وقع بين أيدى كثير من  الناس تظهر على أنها تمثل الاسلام ، تؤوله كما تشاء بما يناسب هواها ومصلحتها ،وهذا تأسلم وليس اسلام لكن للاسف من ينظر يجد أنهم يعطوا وجهة سيئة للاسلام والعرب بصفة عامة .
كل هذا جعل النفور والبعد عن الدين ، فقد ظهر الدين على أنه سببا للتخلف والتعصب ، وهذا من أسباب أيضا الهزيمة النفسية ..
(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون).


3- - أعداء الأمة (لكل متقدم وناجح أعداء ) فمنذ كانت الأمة الإسلامية متقدمة وتصدر علومها للغرب ولها أعداء فكانت بأقوى جيش وأعظم حضارة وأكبر تقدم فى مختلف المجالات فما كان على الأعداء الا محاربة هذا لكن بوسائل باردة وسائل خبيثة مثل زرع أفكار هدامة وجذب الناس لطريق الشهوات وووالخ... وللأسف قد استجاب لهم الكثير خاصة من العامة ...

وكان نتيجة هذا ترك الكثير من الأمة سبيل التدين والعلم والتقدم ، وأصبح السعى وراء ملذات وشهوات وفساد كبير لا حصر له ، وهذا كله أدى الى انتشار التخلف ورسوخه جيلا بعد جيل حتى أصبح كل جيل جديد ينشأ فى رأسه تخلف الأمة ولا سبيل للتقدم ، بينما ينظر للغرب على أنه ممثل التقدم والرقى والحضارة ..

4- الدين فى تطبيقه الصحيح السليم يوفر كل مقومات التقدم وسبل العلم من استقرار وراحة نفسية وأيضا المال _وهذا ما نفتقر اليه ألان _ فالدين بما حواه من تشريعات سماوية يكفل للمجتمع الإنساني كل عوامل السعادة والأمن  ولا يكون ذلك أبدا عن تشريع وضعي وضعه فرد أو جماعة لأمة معينة ذلك لأن الإنسان مهما سما فكره ونضج عقله لا يمكن أن يحيط خبرا بكل ما يوفر للإنسانية سعادتها وأمنها ...
ركن مثلا من أركان الدين كــ الزكاة :_ هذا ركن وحده لو تم بشكل تام سليم لما وجدت فى المجتمع العربى الإسلامى فقير أو محتاج يتسول لكن للأسف لم يحدث هذا وهذا راجع لعدم تطبيقهم لتشريع الهى ينقذهم من الفقر فمن معه المال لا ينظر الى الفقير المحتاج بل للأسف ينظر للتمتع به وقضاء ملذاته وشهواته ..حتى أنه للأسف لم يبذل ماله هذا فى بناء معمل علمى أو أى بناء يساعد على نشر العلم والثقافة بل كل ما يفعله هو التمتع ...فهذا إذن راجع للإنسان وليس للدين .....!!!


5- الدين يضع نظاما للإنسان فى تصرفاته وتعاملاته مع غيره،  ويضع الإنسان على طريق أخلاقى يساعد على النمو والإرتقاء الفكرى المتكامل يمنع عن الفواحش، وما تؤدى له من انتشار أمراض وفساد وبُعد عن الفضيلة وهنا لا يستطيع أحد أن ينكر زيادة الفساد والأمراض فى مجتمع زاد فيه ممارسة الفواحش ((لكن للأسف هم لا ينظرون لهذا ,.هم ينظرون الى تقدمهم بغض النظر عن انتشار الفواحش والأمراض بينهم أو لا ..التقدم العلمى فحسب )) وهذا عكس الدين فهو يحث على التقدم العلمى والرقى بجانب أن يكون معه منظومة أخلاقية متكاملة اذا طبقها الإنسان ابتعدت عنه الأمراض والفواحش والفساد.


 6- تشتت الأمة من داخلها وانقسامها ، حتى لو كان هناك بما يسمى بنظرية المؤامرة ، فهذا لا يعنى أن الأساس من عندنا نحن ، فنحن من اعطينا لغيرنا أن يدخل بيننا ويكون سببا فى تشتتنا وانقسامنا إلى فرق ، فمن المعلوم أن التشتت لا يساعد على الإستقرار ولا التقدم ولا أى شئ حسن ، بل يساعد فقط على إنتاج مسلسل دماء بيننا..



هذه هى بعض أسباب التخلف عند العرب عامة ، فالأسباب كثيرة ، واذا فكر أحد جيدا ليعى ويتأكد أن السبب ليس دينيا ، بل السبب نابع من قهرنا  نحن ، وبُعدنا عن ديننا وتطبيقه بشكل صحيح ، وضربت مثلا على هذا وهو المسلمين قبل ، فقد كانوا يصدرون العلوم والتقدم للغرب (الذى حاليا هو الذى يصدر لنا) ، فهل منع الدين وقتها من التقدم ؟؟؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق