فى مسند أبى يعلى ج5ص121
حدثنا عبد بن حميد أخبرنا الحسن بن موسى أخبرنا يعقوب بن
عبدالله الأشعري عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ( جاء عمر
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكت ، قال : وما أهلكك ؟ قال
: حولت رحلي الليلة ، قال : فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ، قال
فأنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى
شئتم ) أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة . .
فالملاحدة يحذفون الكلام الأخير وهو ((أقبل وأدبر واتق
الدبر والحيضة )) ، ثم يهللون بأن الإسلام يحلل إتيان المرأة من دبرها ، رغم أن
الكلام واضح جدا ، وهو الإبتعاد عن المرأة فى دبرها وحيضها ،يعنى شرطان إذن وهما
1- الإبتعاد عن الدبر
2- الإبتعاد وقت الحيض
أما الجماع فكما
يشاء الرجل مُدبر أو مقبل لكن فى صمام واحد ، أى فى مكان واحد وهو القُبل (موضع
النطفة أى موضع الولد ) .
للتوضيح أكثر :_
عن عبدالله بن عمر قال أن رجلا أتى امرأته فى دبرها فى
عهد رسول الله فوجد من ذلك وجدا شديدا فأنزل الله تعالى (نساؤكم حرث لكم أنى شئتم)
فى دبرها (خطأ ) والصحيح (من دبرها)..
فى كتاب عون
المعبود شرح سنن أبى داود
يوضح الأتى :_
فإن قيل: فما تصنعون بما رواه النسائى من حديث سليمان بن
بلال عن زيد عن عبد الله بن عمر : أن رجلا أتى امرأته فى دبرها فى عهد رسول الله
فوجد من ذلك وجدا شديدا فأنزل الله تعالى
(نساؤكم حرث لكم أنى شئتم)؟ قيل هذا غلط بلاشك ، غلط فيه سليمان ابن بلال ،
أو ابن أبى أويس راويه عنه ، وانقلبت عليه لفظة "من " بلفظة " فى
" ، وإنما هو "أتى امرأة من دبرها ، ولعل هذه هى قصة عمر بن الخطاب
بعينها ، لما حول رحله ، ووجد من ذلك وجدا شديدا ، فقال لرسول الله صلى الله عليه
وسلم (هلكت) ، وقد تقدمت ، أو يكون بعض الرواة ظن أن ذلك هو الوطء فى الدبر فرواه بالمعنى الذى ظنه ، مع أن هشام بن سعد قد
خالف سليمان فى هذا فرواه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلا...
ثم يقول ابن القيم :_ والذى يبين هذا ويزيده وضوحا أن
الغلط قد عرض مثله لبعض الصحابة حين أتاه النبى صلى الله عليه وسلم بجواز الوطء فى
قبلها من دبرها ، حتى يبين له صلى الله عليه وسلم ذلك بيانا شافيا ، قال الشافعى :
أخبرنى عمى قال أخبرنى عبدالله بن على بن السائب عن عمروك بن أحيحة بن الجلاح ، أو
عن عمرو بن فلان بن أحيحة قال الشافعى : أنا شككت _ عن خزيمة بن ثابت " أن
رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء فى أدبارهن ، أو إتيان الرجل
امرأته فى دبرها فقال النبى صلى الله عليه وسلم : حلال .
فلما ولى الرجال دعاه ، أو امر به فدعى فقال : كيف قلت ؟
فى أى الخربتين ، أو فى أى الخرزتين ، أو فى أى الخصفتين؟أمن دبرها فى قبلها ؟
فنعم ، أما من دبرها فى دبرها ؟ فلا ، إن الله لا يستحى من الحق ، لا تأتوا النساء
فى أدبارهن". قال الشافعى : عمى ثقة وعبدالله بن على ثقة ......
وفى تفسير القرطبى ج4 ص10
يقول : وما استدل به المخالف من أن قوله عزوجل (أنى
شئتم) شامل للمسالك بخكم عمومها فلا حجة فيها ، إذ هى مخصصة بما ذكرناه ، وبأحاديث
صحيحة حسان وشهيرة رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيا بمتون
مختلفة كلها متواردة على تحريم وطء النساء فى الأدبار ، ذكرها أحمد بن حنبل فى
مسنده ، وأبو داود والنسائى والترمذى وغيرهم ، وقد جمعها ابن الجوزى بطرقها فى جزء
سماه التحريم المحل المكروه )، ولشيخنا أبى العباس أيضا فى ذلك جزء سماه "
إظهار إدبار من أجاز الوطء فى الأدبار ".
قلت (أى القرطبى) : وهذا هو الحق المتبع والصحيح فى
المسألة ، ولا ينبغى لمؤمن بالله واليوم الأخر أن يعرج فى هذه النازلة على زلة
عالم بعد أن تصح عنه ، وقد حُذرنا من زلة العالم . وقد روى عن ابن عمر خلاف ذلك ،
وتكفير من فعله ، وهذا هو اللائق به رضى الله عنه ، وكذلك كذٌب نافع من أخبر عنه
بذلك كما ذكر النسائى وقد تقدم ، وأنكر ذلك مالك واستعظمه ، وكذٌب من نسب ذلك إليه
.
وهذه أحاديث صحيحة
1- عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى
مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ) رواه أبو داود (3904) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
2- وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى
رَجُلٍ أَتَى امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ ) رواه الترمذي (1165) وصححه ابن دقيق العيد
في "الإلمام" (2/660) ، والألباني في صحيح الترمذي .
3- وعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قال
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا
يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ
) رواه ابن ماجه (1924) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
والأحاديث في ذلك كثيرة ، حتى قال الطحاوي رحمه الله في
"شرح معاني الآثار" (3/43) : "جاءت الآثار متواترة بذلك " انتهى .
يتوهم بعض الناس جواز إتيان المرأة في دبرها ، ويفهمون من
قول الله تعالى : ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ
) البقرة/223 ، أن الله سبحانه أباح في هذه الآية كل شيء ، حتى الوطء في الدبر ، وقد
يتأكد هذا الوهم عندهم إذا قرؤوا الحديث الذي يرويه البخاري في صحيحه – ولعله الحديث
الذي قصده السائل - والذي فيه : عن جابر رضي الله عنه قال : كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ
: إِذَا جَامَعَهَا مِن وَرَائِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَل فنزلت ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ
لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .
وهذا فهم خاطئ للآية ، فإن قوله تعالى : ( فأتوا حرثكم أنى
شئتم ) يعني إباحة أحوال وأوضاع الجماع المختلفة ، إذا كانت في موضع الحرث : وهو الفرج
، وليس الدبر ، فيجوز أن يأتي الرجل زوجته من الخلف أو الأمام أو على جنب إذا كان ذلك
في موضع الحرث ، وليس الدبر .
ودليل ذلك أن رواية مسلم برقم (1435) لحديث جابر السابق في
سبب نزول الآية فيها : (إِنْ شَاءَ مُجَبِّيَةً ، وَإِنْ شَاءَ غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ
، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صِمَامٍ وَاحِدٍ ) .
(مُجَبِّيَةً) : أي : منكبة على وجهها ، كهيئة السجود .
(في صمام واحد) : هو القبل .
ومن كتاب السنن الكبرى نجد :
إذن من يقول ان الإسلام يحلل أو يسمح بإتيان المرأة فى
دبرها فهو مدلس كاذب ..
الحمد لله على كمال شرعه ورحمته بعباده، اللهم ارزقنا الزوجات الصالحات العفيفات
ردحذف