الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

دور الدين فى حياة الإنسان




ما هو دور الدين فى حياة الإنسان؟!

هنا انقل إجابة الدكتور عمرو شريف فى كتابه رحلة عقل فيقول :_

أولاً : الدين هو السبيل الوحيد لتعريف الإنسان بربه معرفة صحيحة متكاملة ، وتعريفه بما يجوز فى حق الله عزوجل وما لا يجوز .
والدين هو السبيل الوحيد لتعريف الإنسان بمصدره ،ومساره ، ومآله ، والغاية من خلقه .
والدين أيضا هو السبيل الوحيد لتعريف الإنسان كيف تكون علاقته بربه .
هذه الامور هى ما تعرف فى الديانات ب"العقيدة" وهى ليست من أجل ملء فراغ فى فكر الإنسان ومشاعره ، ولكن من أجل إقرار حقائق لن تنتظم حياة الإنسان إلا بها .

ثانيا :يحدد الدين للإنسان "الشريعة " التى تنظم حياته وعلاقته بالآخرين وبالبيئة من حوله . ويعتقد المتدينون أن الله الخالق للإنسان والعالِم بخبايا نفسه هو الأقدر على سن هذه القوانين فى خطوطها العريضة .
ثالثا: لا أن للإنسان جانبه الروحى المتطلع إلى الغيب ويسعى إنسان الحضارة الغربية الحديثة المنشغل عن الإله باإشباع هذا الجانب بطرق شتى ، منها اللجوء إلى العرافين والمتنبئين ، ومنها عبادة الشيطان ، ومنها الحج إلى أهرامات الجيزة ! وما شابه ذلك نسميه "ميتافيزيقا بغير أعباء " ؛ وكل ذلك فى محاولة لتعويض الدين الذى هو السبيل الوحيد لإشباع الجانب الروحى فى الإنسان .
ينفرد الدين بالدور الكامل فى حياة الإنسان فى المهام الثلاثة السابقة .
ثم نأتى إلى مهام أخرى يقوم فيها الدين بدوره من خلال علاقته بالعلم والعقل ، وهذه المهام هى :
رابعا: يحث الدين الحق على طلب العلم الذى يهتم بالجوانب المادية والجسدية للإنسان ، كما يوجه العقل فى بحثه الفلسفى لإشباع احتياجاته العقلية والنفسية .
بل إن الإسلام يمزج بين الدين والعلم والعقل فى سبيكة ليس لها نظير فى أى منهج أخر . انظر إلى قول الحق عزوجل ((سنريهم آياتنا فى الأفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ))فصلت53..
ومن اجل ذلك نجد أن القرأن الكريم ملئ بالدعوة للتفكر ، وملئ بالإنكار على من لا يستخدمون عقولهم ((أفلا يعقلون ))؟، ويشبههم بالدواب .
خامسا : الدين الحق هو القائد (المايسترو) الذى يوجه العازفين (العلم والفلسفة) ليلعب كلٌُ دوره فى موضعه المحدد، فلا يتسلل النشاز إلى حياة الإنسان ، فهذا دور العلم ، وهذا دور العقل ، وهذا مجال المفاهيم الغيبية ..
فمثلا ؛ ينبغى للإنسان ألا يتقاعس عن الاخذ بأسباب العلم انتظارا لمدد السماء ، كما ينبغى الا يرفض مفاهيم الغيب لأنه لا يستطيع أن يرصدها بحواسه تبعا للمنهج العلمى ، فلكل مجاله .
سادسا : إذا كان الدين يهتم بالروح، فالدين هو الروح التي تسري في كل من العلم »الآلية« والفلسفة »الغائية«، وبدون هذه الروح يصبح الانسان جثة تمشي علي قدمين، تنشر العفن في كل مكان حولها.

إن هذا ليس تشبيها أدبيا بليغا، لكنه وصف علمي دقيق لما أصاب الانسان والأرض، عندما فارقت الروح العلم والفلسفة.

لقد أنطلق العلم هنا وهناك دون ضوابط، فاخترع قنابل ذرية تقتل ملايين البشر وتفسد البيئة افسادا لا صلاح له.. وابتكر عقاقير مخدرة تستبعد ملايين البشر، وخلق سلالات مدمرة من الجراثيم والفيروسات، التي تصيب ملايين البشر بالمرض المعجز والموت.

كذلك انطلقت الفلسفة، بمعزل عن المعارف الدينية، لتصل بالانسان إلي إجابات عن تساؤلاته: المعرفة لم ترو ظمأه، بل أورثته الحيرة والاغتراب، وقد عبر عن هذه الحالة شاعر المهجر إيليا أبو ماضي في أبيات بليغة تقطر بالضياع:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت.. ولقد أبصرت أمامي طريقا فمشيت.. وسأبقي سائرا شئت هذا أم أبيت.. كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟.. لست أدري.

سابعا : إن الذين نشأوا فى بيئة متدينة ، أكسبتهم ما تعارف عليه الناس بأنه التدين بالميلاد (الوراثى ) يصبح للعقل والعلم _بالنسبة للقادرين منهم _ دوره فى الترقى بتدين الميلاد إلى الإقناع العقلى ثم إلى اليقين ثم إلى الخشية ((إنما يخشى الله من عباده العلماء)) فاطر28
بعد هذا الطرح لدور الدين ، نوافق الذين يرون أن الدين منج شامل يشتمل على كل شئ ، وليست هناك حاجة إلى منهج سواه ، بشرط أن ينظروا إلى الدين بمعناه الصحيح المتكامل . فكما يتفرد الدين بالدور الكامل فى أمور العقيدة والشريعة والروحانيات ((الثلاث نقط الأولى )) ، فإن له دورا يقوم به من خلال العلم والعقل .

لو أدرك المتدينون ذلك فلاشك أنهم سيسعون قدر جهدهم فى البحث عن الآليات باستخدام العلم ، ويسعون قدر جهدهم فى فهم الغائية باستخدام العقل ، ولا داعى لأن أقول باستخدام الفلسفة ، حتى لا نختلف مع البعض حول الأسماء بينما المسمى واحد .!

د/ عمرو شريف
من كتاب "رحلة عقل"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق