الثلاثاء، 19 مايو 2015

هل يلغى الدين العقل ؟!



الدين والعقل :_
*******
 .
إن أقوى إيمان يمكن أن يكون للإنسان هو الذى يكون العقل فيه داعماً ، فالإيمان هو التصديق بدون أن تشهده أو تدركه حواسنا ولذلك هو عالم غيبى وهذا يختلف عن عالم الشهادة وهو المادى أى تستطيع أن تدركه حواسنا .

وهنا لابد للعقل أن يكون داعما مثبتا لهذا الإيمان ..
.
1- إن استعمال العقل لهو شئ يطمأن القلب ويزيد الإيمان ، نجد مثلا سيدنا إبراهيم (عليه السلام ) توٌصل لوجود الله عزوجل من خلاله تأمله وتفعيل عقله فى أن مجرد أصنام لا تنفع ولا تضر لا تصح أن تكون الهة ،وتفكٌره فى السماء والكواكب والشمس والقمر والحركات التى تحدث ، وأدى هذا إلى إيمان عقلى تفكُرى ولهذا قال فى الأخير ((إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) الأنعام 79 ....
ومثلما طلب (سيدنا إبراهيم ) من الله عزوجل أن يُريه كيف يحى الموتى حتى يدخل العقل عن طريق الحواس مع الإيمان ولهذا قال ((ليطمئن قلبى )) ..
إذن العقل وسيلة تثبيت وطمأنينة للقلب والإيمان وليس كما يصوره الملاحدة أنه عدو للإيمان .
.
2- الله عزوجل فى القرأن الكريم أمرنا بالتدبر والتفكر فى الكون وآيات الله عزوجل بل والأمم السابقة فهى ليست مجرد قصص موجودة فى القرأن بل هى للتدبر وأخذ العظة منها ..
إنٌ التفكٌر في السموات والأرض وما بينهما مع التجرد من الهوى يقود حتماً إلى الإيمان بالله الواحد وتنزيهه عن كل نقص وتثبيت وزيادة الإيمان .
قال تعالى في سورة آل عمران – آية 191
((الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار)) >>
قال الله سبحانه وتعالى: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ*وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ*وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ*فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) 3

** (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ...) (الروم/ 8).

** وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ( الجاثية 13).

**.(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)الرعد 3. .

**قوله تعالى: {وفي الأرضِ آياتٌ للموقنين * وفي أنفسِكم أفلا تُبْصرون} (51 الذاريات آية 20ـ21)

**قوله تعالى ” يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” آية (11 النحل ).
والأيات كثيرة والتى يحض فيها الله عزوجل الإنسان أن يتفكر ويتدبر فى شأن الكون وما فيه من آيات ظاهرة للانسان.
.
3- كما أن الله عزوجل جعل العقل أساس التكليف عند الإنسان لهذا يسقط التكليف فى حال ذهاب العقل و غيابه و تعطيله وفى هذا تأكيد كبير على أهميه العقل فى العقيدة والإيمان .
يقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: " رُفِع القلم عن ثلاثة ، عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبُر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق " رواه أحمد ....! والحديث يشرح نفسه .

فكلما زاد تفكٌر الإنسان فى الكون وما يحتويه زاد إيمانه بالله العظيم وزاد يقينه بقدرة الله تعالى .
وكم من الآيات فى القرأن التى تدعو للتفكر والتدبر فى الخلق منها :_

فيقول تعالى :_
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190) (آل عمران/190).

وإذا كان الملاحدة ليسوا من أولى الألباب فــ على الأقل لا يتهمون الدين بأنه يناقض العقل أو يدعو لعدم التفكٌر ... !!!
 .

4- أما ما يروج له الملاحدة فى مسألة الإرهاب الفكرى فهو لا يحتكم فيه إلى العقل اطلاقا ...
قال تعالى في سورة البقرة -آية 256
لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم...)
وبما أنه قد  تبيٌن الرشد من الغي بالأدلة العقلية فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وعليه أن يتحمل مسئولية كفره في الدار الآخرة..

فلا أحد يُكره أحد على الإسلام أو عدم التفكر والتدبر بل إنٌ التصريح والأمر كله جاء من الخالق عزوجل نفسه بالتفكر ثم الإيمان لكن لا تجحد آيات الله ثم تقول إرهاب فكرى أو  لا يتوافق مع العقل ..!!!

فقد تميز الإسلام عن سائر الأديان بأنه دين الاقناع العقلى الذى يتوافق تماما مع العقل والمنطق  فلا يوجد فيه إرهاب فكري ولا يوجد فيه قهر للناس على اتباع ما ليس لهم به إقناع ولا فكر سليم
****
يقول العقاد فى كتاب التفكير فريضة إسلامية (( (وفريضة التفكير في القرآن الكريم تشمل العقل الإنساني بكل ما احتواه من هذه الوظائف بجميع خصائصها ومدلولاتها فهو يخاطب العقل الوازع والعقل المدرك والعقل الحكيم والعقل الرشيد، ولا يذكر العقل عرضا مقتضبا بل يذكره مقصودا مفصلا على نحو لا نظير له في كتاب من كتب الأديان) (انتهى – ص 8).
ويقول أيضا فى نفس المرجع ((( القرآن لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتي الإشارة إليه عارضة في سياق الآية، بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة وتتكرر في كل معرض من معارض الأمر والنهي التي يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله أو يلام فيها المنكر على إهمال عقله وقبول الحجر عليه، ولا يأتي تكرار الإشارة إلى العقل بمعنى واحد من معانيه التي يشرحها النفسانيون من أصحاب العلوم الحديثة، بل هي تشمل وظائف الإنسان العقلية على اختلاف أعمالها وخصائصها وتتعمد التفرقة بين هذه الوظائف والخصائص في مواطن الخطاب ومناسباته، فلا ينحصر خطاب العقل في العقل الوازع ولا في العقل المدرك ولا في العقل الذي يناط به التأمل الصادق والحكم الصحيح، بل يعم الخطاب في الآيات القرآنية كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصة أو وظيفة). –

إذن لا وجود لما يروج له الملاحدة أن الدين يلغى العقل والعمل به ، الله عزوجل خاطب العقول والقلوب معاً ((أفلا تعقلون ، أفلا يتفكٌرون ، و الكثير من الآيات تشهد بهذا ))
لذلك فالدين مع العقل لا يوجد أى تناقض بل الدين نفسه يخاطب العقل ولا يتناقض معه ولا يلغى عمله ولا يعطله عن أداء وظيفته ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق