الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

من كتاب كيف أرى الله



يقول الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار :

عرفت تولستوى منذ ثلاثين سنة .وقرأت له قصصا مترجمة ، وأعجبتنى أقصوصة له قرأتها فى الأدب البنغالى وموجز القصة :


أن ملكا عادلا محبوبا من رعيته لم يُرزق بولد .ولكن ذلك لم يهمه ، فقد كان له فى حبه لأبناء شعبه غنىً عن حب الولد . وكان أكبر من فى مملكته علما وعقلا وفضلا وخلقا ، وذات يوم طاف به الشيطان فأخذ يفكر فى الله تفكيرا ينزع الى الشك والإلحاد .
وجمع أكبر مفكرى مملكته وطلب منهم أن يروه الله ، وأمهلهم ثلاثة أيام ...ومضت المدة واجتمعوا لديه وكلهم مستعد للموت . وكان معهم راع 

فقال للملك :_ أنا أسطتيع أن أُريك الله .

فقال له الملك :_  هيا أرنى 

فطلب الراعى من الملك أن يحدق فى الشمس تحديقا ، فعجز الملك وخاف على عينيه .

فقال الراعى :_ إذا عجزت أن تحدق فى الشمس وهى من مخلوقات الله وليست أكبرها ..فكيف تريد أن ترى الله نفسه بعينيك هاتين الضعيفتين؟!!!!
.
وشعر الملك بهزيمته عندما صفقت الجماهير للراعى ، ولكنه استجمع قواه حين استمع للراعى وهو يسأله (يسأل الملك ) عن اسم ابنه .

فقال الملك وهو يشعر بزهو النصر الذى خاله فى صفه :_ يالرعونتك كيف أسمى عدما لا وجود له ((يعنى كيف يطلق اسم على شئ غير موجود أصلا فالملك لم ينجب ))؟!

هنا قال الراعى :_ صدقت أيها الملك ، فهل يسيغ عقلك أن يصطلح الناس على تسمية الخالق (الله) وهو لا وجود له ؟! إذا استحال عليك أنت أن تسمى ابنا لم ترزقه ، فكيف بملايين الملايين تسمى من لا وجود له (الله)؟! 


وزاد تصفيق الناس للراعى واشتعل غيظ الملك وسأله :_ من كان قبل الله ؟!

وأجابه الراعى :_ أيعرف مولاى العد ؟!

فلما رد الملك بالإيجاب طلب الراعى أن يعد الملك ، فبدأ الملك يعد واحد ...اثنان ..ثلاثة ولكن الراعى فاجأ الملك بقوله :_ عد يامولاى قبل الواحد .. فغضب الملك وقال :_ ويلك ..أيوجد شئ قبل الواحد .؟!

وهنا صاح الراعى :_ وكذلك الله واحد ليس قبله شئ ....

ثم سأله الملك عن عمل الله ...فقال الراعى :_ إن هذا الجواب يحتاج إلى أن نتبادل ملابسنا ... أنت تلبس ثيابى ، وأنا أرتدى ملابسك وبعد ذلك أجيبك .

وتبادلا الملابس ، فغدا (أصبح) الراعى ملكا وقال :_ عمل الله عزوجل يعز من يشاء ويذل من يشاء فها أنا الراعى الحقير صرت ملكا ، وأنت الذى قبل دقائق ملكاً صرت راعياً فقيراً ..الإعزاز والأذلال والابقاء والإحياء من عمل الله الذى لا يحصى...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق