الثلاثاء، 3 فبراير 2015

لماذا غفر الله سبحانه وتعالى لآدم خطيئته ولم يغفر لابليس معصيته؟



أولا أوضح سوء فهم شائع وهو :_
هل ابليس وسوس لحواء ثم هى غوت أدم ؟!

والاجابة :_

{فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوءاتهما} الأعراف 20.

قول الحق سبحانه وتعالى "وسوس" .. تدل على أن الحديث دار همسا بصوت خافت..
الشائع أن الشيطان أغوى حواء.. وأن حواء هي التي أغوت آدم.. وزينت له المعصية حتى أكل من الشجرة.. وأنه لولا حواء لبقي آدم في الجنة!
وهذا خطأ فالمتأمل فى الاية يجد """وسوس لهما "" وليس ""وسوس لها"" اذن الوسوسة وقعت على أدم وحواء وليست حواء فقط..

هنا نرى عدل الله سبحانه وتعالى في أنه حذرهما أولا من المخالفة.. وأبلغهما بالجزاء أو العقاب.. حتى يكون العقاب عدلا وحقا.. ولذلك فإن التشريع الالهي لا يوجد فيه ما يسمى بالقوانين بأثر رجعي.. فلا تجريم في العدل الالهي إلا بنص.. والنص هو نهي لآدم وحواء.. أن يقربا هذه الشجرة.. وأن الشيطان عدو لهما.. وقول الحق {ألم أنهكما عن تلك الشجرة}
بصيغة الاستفهام..معناه أنه لا يوجد الا جواب واحد.. نعم يا رب نهيتنا.
*******
وعن السؤال الذي يدور هنا.. 
   لماذا غفر الله سبحانه وتعالى لآدم خطيئته ولم يغفر لابليس معصيته؟.. لقد عصى آدم، وعصى إبليس.. الأول تاب الله عليه وتقبل توبته.. والثاني لعنه الله وجعله خالدا في النار.. ما هو الفرق بين المعصيتين؟

الجواب:_
     إن آدم وحواء حين عصيا الله سبحانه وتعالى.. لم يصرا على المعصية.. ولم يحاولا رد الأمر على الآمر.. إنهما لم يقولا يا رب إن حكمك ليس حقا، كما فعل الشيطان حين قال:{ أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين..} لم يفعلا ذلك ولكنهما اعترفا بذنبهما.. وطلبا المغفر والرحمة من الله.. وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:
{ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} الأعراف 23.

تلك هي الكلمات التي قالها آدم وحواء بعد المعصية.. قالا: يا رب إن قولك حق وحكمك حق.. ولكننا لم نستطع أن نحمل نفسينا الضعيفتين على إتباع المنهج.. فظلمنا أنفسنا.. أي أننا مشينا بها في طريق الهلاك.. ونحن نطلب منك المغفرة والرحمة.. فإن لم تعطهما لنا نكن من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم يوم القيامة.

وهكذا طلب آدم وحواء من الله أن يتوب عليهما.. وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة البقرة:
{ فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه، إنه هو التوّاب الرحيم} البقرة 37.
والتوبة تمت على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: أنه تعالى شرع التوبة لعباده.
المرحلة الثانية: أنهم عندما تابوا قبلها منهم.
والمرحلة الثالثة: من التوبة تكون بعدم عودتهم الى المعصية.
بعض الناس لا يستوعب قول الحق تبارك وتعالى:
{ ثم تاب عليهم ليتوبوا، إن الله هو التوّاب الرحيم} التوبة 118.

وبعض الناس يتساءل: إذا كان الله قد تاب عليهم فلماذا وجبت عليهم التوبة؟
نقول: إن تشريع الله سبحانه وتعالى للتوبة لا بد أن يحدث قبل التوبة.. فقوله:{ تاب عليهم..} أي شرع لهم التوبة؟
قال لهم إذا فعلتم ذنبا أو معصية فتوبوا.. وما دام الله جل جلاله قد طلب منهم أن يتوبوا فإنهم يتوجهون اليه بالتوبة فيقبلها الله منهم.

تشريع التوبة ليس رحمة بالعاصي وحده.. ولكن بالمجتمع كله..لأن الله سبحانه وتعالى لو لم يفتح باب التوبة.. لازداد كل من يرتكب معصية في معاصيه.. فما دامت لا توجد توبة.. وما دامت المعصية تؤدي الى الخلود في جهنم.. فكل من ارتكب معصية واحدة.. يملأ حياته بالمعاصي.. فما دام لا أمل له في الجنة.. فليأخذ نصيبه من الدنيا.. وبهذا يشقى المجتمع كله.. لأن كل عاص سيزداد معصية.
وانتشار المعصية لا يعاني منها فرد.. بل يعاني منها المجتمع..ولكن الله تبارك وتعالى ـبتشريعه التوبة ـ قد رحم المجتمع من انتشار المعاصي
********
أما إبليس تأبى على أوامر الله.. وزاد ذلك بانه سيغوي الانسان على المعصية.. فقال كما يروي لنا القرآن الكريم:
{ قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ثم لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} الأعراف 16،17.
إن إبليس لم يعترف بمعصيته.. بل أصرّ عليها.. وقال سأفعل كذا وكذا وكذا في إصرار على المعصية.. أما آدم وحواء فقد اعترفا بذنبيهما وهذه نقطة هامة.. لا بدّ أن نلتفت اليها.. لينتبه الناس الذين يقدمون على المعصية.. ألا يبرروها برد الأمر على الله.. كأن يقولوا تغيرت الظروف.. أو الوقت قد تغيّر..
إبليس عصى وتكبر.. آدم عصى، ولكنه اعترف بذنبه.. وحينما اعترف آدم وحواء بذنبيهما علمهما طريق التوبة..
تمرد ابليس كان ناتج غرور كما فى قوله تعالى:_: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) .
هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد :_ (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)
فماذا فعل ابليس عليه لعنة الله :؟!
 تحول عنده  الحسد إلى حقد وزيادة غرور  و تصميم على الانتقام لـــ
قوله تعالى : (قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) .
فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)
ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين...
لذلك يوضح الله لنا هدف الشيطان منا فى أيات كثيرة منها :_

قال الله تعالى: {ياأيُّها النَّاسُ كُلوا مِمَّا في الأَرضِ حَلالاً طيِّباً ولا تتَّبعوا خُطواتِ الشَّيطانِ إنَّه لكم عَدوٌ مبين*إنَّمَا يَأمُرُكُم بالسُّوءِ والفَحشَاءِ وأن تَقُولُوا على الله ما لاتعلمون} البقرة168/169
وأيضا :_
وقوله تعالى (((وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿٦٠ النساء﴾
وقوله تعالى :_(((وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا)) (119 النساء
يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴿١٢٠ النساء﴾


**********
وما توفيقى الا بالله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق