الأربعاء، 4 فبراير 2015

شبهة أمرت أن أقاتل الناس



الحديث يقول :_  ((عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ » متفق عليه
وللرد :_


1—  الحديث يقول فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم ) _ أمرت أن أقاتل وليس _أمرت أن أقتل فهناك فرق .!!!
في " المعجم المحيط "
قَاتَلَ يُقَاتِلُ قِتَالا ومُقاتَلَةً:حاربه ودافعه .
إذاً القتال بمعنى الحرب ..وورد في " الغني "
."قَاتَلَ عَدُوَّهُ" :حَارَبَهُ وَعَادَاهُ .
قال الحافظ بن حجر رحمه الله
((لا يلزم من إباحة المقاتلة إباحة القتل لأن المقاتلة مفاعلة تستلزم وقوع القتال من الجانبين , ولا كذلك القتل . وحكى البيهقي عن الشافعي أنه قال : ليس القتال من القتل بسبيل , قد يحل قتال الرجل ولا يحل قتله))
2-- كلمة الناس " من العام الذي أُريد به الخاصَ " وهم المشركين .
قال الحافظ بن حجر في فتح الباري ((أن يكون من العام الذي أريد به الخاص , فيكون المراد بالناس في قوله "
أقاتل الناس " أي : المشركين من غير أهل الكتاب ))

3--  حتى يشهدوا 

شروط الشهادة ( سبعة ) وهي كالآتي :
أولاً : العلم بمعناه نفياً وإثباتاً .
ثانياً : إستيقان القلب بها.
ثالثاً : الصدق بالقلب واللسان لا باللسان فقط.
رابعاً : إنقياد القلب لها ظاهراً وباطناً .
خامساً : الموالاة لها ولأهلها والحب فيها والمعاداة والبغض لأعدائها.
سادساً : الإخلاص فيها .
سابعاً : القبول لها فلا يُرد من مقتضياتها ولا مستلزماته شئ .

ومن المعلوم أن الشهادتين لا يستطيع العبد دخول الدين إلا بهما, ومادام الإنسان قد وعى الشروط السبعة فأنه سيدخل إلى الدين عن إقتناع لا عن إجبار وقهر , وهذا المراد من قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( يشهدوا ) بمعنى أن يدركوا شروطها فينقادوا لها حباً لا قهراً

4-- قول الرسول صلى الله عليه وسلم (( ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة))
إن للصلاة والزكاة أهمية كبرى في الإسلام ..يقول الله عز وجل
{فَإِن تَابُوا۟ وَأَقَامُوا۟ الصَّلاَةَ وَآتَوُا۟ الزَّكَاةَ فَإِخۡوَانُكُمۡ فِى الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوۡمٍ يَعۡلَمُونَ}
سورة التوبة رقم الآية 11

{وَمَا مَنَعَهُمۡ أَن تُقۡبَلَ مِنۡهُمۡ نَفَقَاتُهُمۡ إِلاَّ أَنَّهُمۡ كَفَرُوا۟ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأۡتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمۡ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمۡ كَارِهُونَ } التوبة 54

{ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعۡبُدُوا اللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤۡتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الۡقَيِّمَةِ } البينة 5

ولكن ما سبب التخصيص ؟؟

قال الإمام الحافظ بن حجر ((أن ذلك لعظمهما والاهتمام بأمرهما ; لأنهما إما العبادات البدنية والمالية . ))

5-  قول النبي صلى الله عليه وسلم ((عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام))
وهذا يعني أن العبد بعد إسلامه يحرم دمه فحرمته هي حرمة المُسلم حتى وإن شهدها خوفاً فلقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد حينما قتل شخصاً قال لا إله إلا الله فكان عذر أسامة بن زيد رضي الله عنه أن هذا الرجل قالها خوفاً من الموت لا إيماناً فما هو رد النبي ؟؟
قال صلى الله عليه وسلم ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ))

قال الإمام النووي رحمه الله ((ومعناه أنك إنما كلفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان , وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه , فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان ))

ويقول الإمام النووي أيضا بخصوص العصمة من القتلً ((فأحسن ما قيل فيه وأظهره ما قاله الإمام الشافعي , وابن القصار المالكي , وغيرهما أن معناه فإنه معصوم الدم , محرم قتله بعد قوله : لا إله إلا الله كما كنت أنت قبل أن تقتله ))
6—هذا الحديث يخص القتال والقتال فى الاسلام له أساس وقاعدة وهى أساس القتال فى الإسلام 
قول الله تعالى ( وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا )...

7-  الرسول فى حديث أخر يقول ((لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا.....))  ومعنى هذا أن القتال شئ غير مستحب فى الأصل كما أنه مكروه شرعا لقول الله تعالى :_
( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون )

لذلك فان القتال فى الاسلام شئ غير أساسى الا فى حالات وهى :_

    أ/  يقول الله تعالى ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) فكان القتال ممنوعا قبل ذلك ثم أبيح للضرورة . وهى الظلم أو اخراج الناس من ديارهم ظلما بغير حق ...

ب/ الأعتداء من الغير 
الإسلام لا يدعوا للاعتداء على اي شخص فيقول الله تعالى
(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة : 190] 
ويقول أيضا :_ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [المائدة : 87] 

إذن المسلم يُقاتل عندما يتم الاعتداء عليه! ويكون قتاله من باب الدفاع عن النفس

قال ابن تيمية – رحمه الله –ً ـ :
( القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله ، كما قال الله تعالى ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) البقرة/ 190 )  .......... ” مجموع الفتاوى ” ( 28 / 354 )

والمعنى باختصار :_
هو اباحة الله عزوجل للرسول (صلى الله عليه وسلم ) بالقتال لمن يحاول اعتراض بيان الحق والاسلام ودعوة الرسول للاسلام وأيضا القتال فى حال الاعتداء على المسلمين أو الأوطان وهذا الحديث خاص بعبدة الأوثان من العرب ،، أما أهل الكتاب ومن عندهم شبهة كتاب فتقبل منهم الجزية والدليل على ذلك أن النصارى واليهود والمجوس، وغيرهم أخذت منهم الجزية ولم يقاتلهم المسلمون حتى يشهدوا....

اما اهل الكتاب فقد قال الله تعالى : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )
اي يقاتلون لدفع الجزية ولا يجبرون على اعتناق الاسلام
ويشهد لذلك الفتوحات الاسلامية في عهد النبوة والصحابة وطيلة التاريخ الاسلامي في البلاد المسيحية وبلاد فارس المجوسية التي فتحوها لم تجبر تلك البلاد على الاسلام انما كانت تدفع الجزية فقط .

قال فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد بعد ذكره لكلام ابن تيمية رحمه الله :
(ويدل لذلك أيضا ما ثبت عن بُرَيْدَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ … وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ … فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ … ) .
رواه مسلم ( 1731 ) .)



********
وما توفيقى الا بالله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق